ويحتمل أن يكون البخاري أراد بالترجمة بيان تعريف الحكرة التي نهي عنها في غير هذا الحديث المراد بها قدر زائد على ما يفسره أهل اللغة وسياق الأحاديث التي فيها تمكين الناس من شراء الطعام ونقله، ولو كان الاحتكار ممنوعًا لمنعوا من نقله، وقد ورد في دم الاحتكار أحاديث كحديث عمر مرفوعًا:"من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس" أخرجه ابن ماجة بإسناد حسن وعنده والحاكم بإسناد ضعيف عنه مرفوعًا: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون".
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: الذي) ولابن عساكر قال: أما الذي (حفظناه من عمرو بن دينار) أنه (سمع طاوسًا) اليماني ويشير إلى أن في غير رواية عمرو بن دينار عن طاوس زيادة على ما حدّثهم به عمرو عنه كسؤال طاوس من ابن عباس عن سبب النهي وجوابه وغير ذلك. وقال البرماوي كالكرماني: لما كان سفيان منسوبًا إلى التدليس أراد رفعه بالتصريح بالسماع والحفظ من طاوس حال كونه (يقول: سمعت ابن عباس ﵄) حال كونه (يقول: أما الذي نهى عنه النبي ﷺ فهو الطعام أن يباع) من بائعه أو غيره (حتى يقبض) موضع أن يباع رفع بدلاً من الطعام وإنما أبدلت النكرة من المعرفة بلا نعت لأن المضارع مع أن متوغل في التعريف قاله البرماوي كالكرماني (قال ابن عباس ولا أحسب كل شيء إلا مثله) أي مثل الطعام، وفي رواية مسلم من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام وهذا من تفقه ابن عباس ﵄، وقد قال ﷺ لحكيم بن حزام:"لا تبيعن شيئًا حتى تقبضه" رواه البيهقي وقال إسناده حسن متصل وهو مذهب الشافعية سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولاً. وقال أبو حنيفة: لا يصح إلا في العقار، وقال مالك: لا يصح في الطعام، وقال أحمد: لا يصح في المكيل والموزون.
قال المازري: وتمسك الشافعي بنهيه ﷺ عن ربح ما لم يضمن فعم، وتمسك أبو حنيفة بقوله حتى يستوفيه فاستثنى ما لا ينقل لتعذّر الاستيفاء فيه، وتمسك من منع في كل المكيلات والموزونات بقوله حتى يكتاله فجعل العلة الكيل وأجرى سائر المكيلات والموزونات مجرى واحدًا وتمسك مالك ﵀ بنهيه عن بيع الطعام فدلّ على أن غير الطعام مما فيه حق توفية بخلاف الطعام إذ لو منع من