جمع فضيلة، واختلف هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟ فذهب الأشعري والقاضي أبو بكر إلى أنه لا فضل لبعضه على بعض، لأن الأفضل يُشعِر بنقص المفضول، وكلام الله حقيقة واحدة لا نقص فيه. وقال قوم بالأفضلية لظواهر الأحاديث كحديث أعظم سورة في القرآن، ثم اختلفوا فقال قوم: الفضل راجع إلى عظم الأجر والثواب، وقال آخرون: بل لذات اللفظ وأن ما تضمنته آية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص من الدلالة على وحدانيته تعالى وصفاته ليس موجودًا مثلًا في: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ [المسد: ١] فالتفضيل بالمعاني العجيبة وكثرتها لا من حيث الصفة.
وقال الخويي: من قال إن ﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص: ١] أبلغ من: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ بجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافرين فذلك غير صحيح، بل ينبغي أن يقال ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه؟ وكذلك في: ﴿قل هو الله أحد﴾ لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها، فالعالم إذا نظر إلى: تبت في باب الدعاء بالخسران ونظر إلى ﴿قل هو الله أحد﴾ في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر، وهذا التقييد يغفل عنه من لا علم عنده بعلم البيان ولعل الخلاف في هذه المسألة يلتفت إلى الخلاف المشهور أن كلام الله شيء واحد أم لا؟ وعند الأشعري أنه لا يتنوّع في ذاته بل بحسب متعلقاته، وليس لكلام الله الذي هو صفة ذاته بعض، لكن بالتأويل والتعبير وفهم السامعين اشتمل على أنواع المخاطبات ولولا تنزله في هذه المواقع لما وصلنا إلى فهم شيء منه، وسقطت البسملة لأبي ذر وثبت له لفظ كتاب وسقط لغيره.