وقال التوربشتي: إنما أراد ﵊ تخصيصهما بالتصديق الذي بلغ عين اليقين وكوشف صاحبه بالحقيقة التي ليس وراءها للتعجب مجال انتهى.
ونطق البقرة والذئب جائز عقلاً أعني النطق اللفظي والنفسي معًا غير أن النفسي يشترط فيه العقل وخلقه في البقرة والذئب جائز، وكل جائز أخبر به صاحب المعجزة أنه واقع علمنا عقلاً أنه واقع، ولا يحمل توقف المتوقفين على أنهم شكوا في الصدق ولكن استبعدوه استبعادًا عاديًا ولم يعلموا علمًا مكينًا أن خرق العادة في زمن النبوّات يكاد أن يكون عادة فلا عجب إذًا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المناقب وبني إسرائيل ومسلم في الفضائل والترمذي في المناقب مقطعًا.
هذا (باب) بالتنوين (إذا قال) صاحب النخل لغيره (اكفني مؤونة النخل) أي العمل فيه من السقي والقيام عليه بما يتعلق به (أو) مؤونة (غيره) كالعنب، ولأبي ذر وغيره بإسقاط الألف (وتشركني) بضم أوّله وكسر ثالثه مضارع أشرك ويجوز فتحهما مضارع شرك وكلاهما في الفرع وأصله ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي وأنت تشركني والواو للحال والنصب بتقدير أن بعد الواو (في الثمر) الذي يحصل من النخل أو الكرم جاز هذا القول.
وبه قال:(حدّثنا الحكم بن نافع) هو أبو اليمان الحمصي قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي اسم أبيه دينار قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال قالت الأنصار للنبي ﷺ) حين قدم المدينة: يا رسول الله (اقسم بيننا وبين إخواننا) المهاجرين (النخيل) بكسر الخاء ثم تحتية ساكنة، وللكشميهني: النخل بسكون الخاء والنخيل جمع نخل كالعبيد جمع عبد وهو جمع نادر (قال)ﷺ:
(لا) اقسم وإنما أبى ذلك لأنه علم أن الفتوح ستفتح عليهم فكره أن يخرج عنهم شيئًا من رقبة نخيلهم التي بما قوام أمرهم شفقة عليهم فلما فهم الأنصار ذلك جمعوا بين المصلحتين امتثال ما أمرهم به ﵊ وتعجيل مواساة إخوانهم المهاجرين (فقالوا) أي الأنصار للمهاجرين أيها المهاجرون (تكفونا المؤونة) في النخل بتعهده بالسقي والتربية (ونشرككم) بفتح أوله وثالثه. قال