قال) أبو إدريس:(قد كان المسلمون يتداوون بها) أي بأبوال الإبل (فلا يرون بذلك) التداوي (بأسًا فأما ألبان الأتن فقد بلغنا أن رسول الله ﷺ نهى عن) أكل (لحومها) لاستخبائها (ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي) نعم حرمه أكثر أهل العلم ورخص فيه عطاء وطاوس والزهري، والأول أصح لأن حكم الألبان حكم اللحم لأنه متولد منه (وأما مرارة السبع؟ قال ابن شهاب أخبرني) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد في الروايتين (أبو إدريس) عائذ الله (الخولاني أن أبا ثعلبة) جرهمًا (الخشني أخبره أن رسول الله ﷺ نهى عن أكل كل ذي ناب) يتقوى بنابه (من السبع) بالإفراد على إرادة الجنس ولأبي ذر وابن عساكر السباع بالجمع واللفظ عام فيعم جميع أجزائه مرارته وغيرها وقد أفاد الحافظ عبد العظيم المنذري ﵀ أن أكل لحوم الحمر الأهلية نسخ مرتين وكذا نكاح المتعة والقبلة والله أعلم.
وهذا الحديث مضى في الذبائح في باب أكل كل ذي ناب من السباع.
٥٨ - باب إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى الإِنَاءِ
هذا (باب) بالتنوين (إذا وقع الذباب في الإناء) والذباب بالذال المعجمة والواحدة بهاء والجمع أذبة وذبان بالكسر وذب بالضم قاله في القاموس، وروينا في مسند أبي يعلى الموصلي من حديث أنس أن النبي ﷺ قال: عمر الذباب أربعون ليلة والذباب كله في النار إلا النحل، قيل كونه في النار ليس بعذاب له بل ليعذب به أهل النار بوقوعه عليهم وهو أجهل الخلق لأنه يلقي نفسه في الهلكة ويتولد من العفونة ولم يخلق له أجفان لصغر حدقته ومن شأن الجفن أن يصقل مرآة الحدقة من الغبار، فجعل الله تعالى له يدين يصقل بهما مرآة حدقته فلذا تراه أبدًا يمسح بيديه عينيه، ومن الحكمة في إيجادها مذلة الجبابرة قيل لولا هي لجافت الدنيا ورجيعها يقع على الأسود أبيض وبالعكس.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) المدني (عن عتبة بن مسلم) أبي عتبة (مولى بني تيم) بفتح الفوقية وسكون الحتية (عن عبيد بن حنين) بتصغيرهما من غير إضافة لشيء (مولى بني زريق) بتقديم الزاي المضمومة على الراء مصغرًا (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(إذا وقع الذباب في إناء أحدكم) وعند النسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان عن أبي سعيد: إذا وقع في الطعام وفي بدء الخلق من البخاري بلفظ: شراب والأولى أشمل منهما