للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضعفائهم وأهل الديوان منهم لقسمتها بينكم فأوقفوها فيئًا على من بقي من المسلمين حتى تنقرض آخر عصابة تغزو من المؤمنين والسلام عليكم.

ولما وضع عمر الخراج على أرض العراق وطلبوا منه أن يقسمها بينهم واحتجوا عليه بقوله تعالى: ﴿ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى﴾ إلى قوله: ﴿وابن السبيل﴾ [الحشر: ٧] ثم قال: ﴿للفقراء المهاجرين﴾ [الحشر: ٨] فأدخلهم معهم، ثم قال: ﴿والذين تبوؤوا الدار والإيمان﴾ يريد الأنصار فأدخلهم معهم احتج عليهم بقوله تعالى: ﴿والذين جاؤوا من بعدهم﴾ فأدخل فيهم من يجيء من بعدهم.

فإن قلت: لم لا يكون قوله: ﴿والذين جاؤوا من بعدهم﴾ استئنافًا والخبر في قوله تعالى: ﴿يقولون ربنا اغفر لنا﴾ [الحشر: ٩ - ١٠] يكون الفرق بين هؤلاء الذين لم يوجدوا بعد وبين الدين تبوؤوا الدار وهم الأنصار وكانوا يحضرون الوقائع فيستحقون كالمهاجرين، وأما هؤلاء فلا يوجد فيهم الاستحقاق ولم تدع ضرورة إلى العطف لإمكان الاستئناف؟ أجيب: بأن الاستئناف هنا لا يصح لأنه حينئذٍ يكون خبرًا عن كل من جاء بعد الصحابة أن يستغفر لهم وقد وقع خلاف هذا من أكثر الرافضة وغيرهم من السابين غير المستغفرين، فلو كان خبرًا لزم الخلف وهو باطل، فإذا جعلنا ذلك معطوفًا أدخلنا الذين جاؤوا من بعدهم في الاستحقاق للغنيمة وجعلنا قوله يقولون جملة حالية كالشرط للاستحقاق كأنه قال: يستحقون في حالة الاستغفار وبشرطه، ولهذا قال مالك: لا حق لمن سب السلف في الفيء وحينئذٍ فلا يلزم خلف، والذي تقرر أن مذهب الحنفية والحنابلة أن الإمام مخير فيما فتح عنوة بين قسمة أرضه كالمنقولات ووقفها، وأن مذهب الشافعية قسمتها على من حضر الوقعة وعن المالكية أنها تصير وقفًا بنفس الظهور، وقال الشافعية في أرض الفيء: يقفها الإمام لتبقى الرقبة مؤيدة وينتفع بغلتها المستحق كل عام بخلاف المنقول فإنه معرض للهلاك وبخلاف الغنيمة فإنها بعيدة عن نظر الإمام واجتهاده لتأكد حق الغانمين وأن الإمام إن رأى قسمة أرض الفيء أو بيعها وقسمة ثمنها جاز لكن لا يقسم سهم المصالح بل يقوف وتصرف غلته في المصالح أو يباع ويصرف ثمنه إليها.

١٠ - باب مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ؟

(باب من قاتل للمغنم) أي مع قصد أن تكون كلمة الله هي العليا (هل ينقص من أجره؟) ظاهر صنيع المؤلّف لا واحتج له ابن المنير بأن قصد الغنيمة لا يكون منافيًا للأجر ولا منقصًا له إذا قصد معه إعلاء كلمة الله لأن السبب لا يستلزم الحصر ولو كان قصد المغنم ينافي قصد أن تكون كلمة الله هي العليا لما كان الجواب من الشارع عامًّا حيث قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ولكان الجواب المطابق أن يقال: من قاتل للمغنم فليس في سبيل الله نعم الظاهر أنه ينقص، لكنه كما قال في الفتح أنه نقص نسبي فليس من قصد إعلاء كلمة الله محضًا في الأجر مثل من ضم إلى هذا القصد قصدًا آخر من غنيمة أو غيرها. وقال العيني ليس له

<<  <  ج: ص:  >  >>