القعر خفيف العذاب (لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) أي في الطبق الذي في قعر جهنم والنار سبع دركات سميت بذلك لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض.
وفي هذا الحديث أنه ﷺ سمع تكنية أبي طالب من العباس فأقره، وقد جوّزوا ذكر الكافر بكنيته إذا كان لا يعرف إلا بها كما في أبي طالب، أو كان على سبيل التألف رجاء إسلامهم، أو تحصيل منفعة منهم لا على سبيل التكريم فإنا مأمورون بالإغلاظ عليهم، وأما ذكر أبي لهب بالكنية دون اسمه عبد العزى فقيل لاجتناب نسبته إلى عبودية الصنم وقيل للإشارة إلى أنه سيصلّى نارًا ذات لهب.
والحديث سبق في ذكر أبي طالب.
١١٦ - باب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ
هذا (باب) بالتنوين (المعاريض) من التعريض خلاف التصريح (مندوحة) بفتح الميم وسكون النون وضم الدال وبالحاء المهملتين أي في المعاريض من الاتساع ما يغني (عن الكذب. وقال إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة زيد الأنصاري مما سبق موصولاً في الجنائز (سمعت أنسًا)﵁ يقول (مات ابن لأبي طلحة فقال: كيف الغلام)؟ وكان جاهلاً بموته (قالت أم سليم): أم الغلام (هدأ نفسه) بفتح الهاء والدال المهمملة بعدها همزة ونفسه بفتح الفاء واحد الأنفاس أي سكن نفسه وانقطع بالموت (وأرجو أن يكون قد استراح) من بلاء الدنيا وألم أمراضها (وظن) أبو طلحة (أنها صادقة) باعتبار ما فهمه من كلامها لأن مفهومه أن الصبي تعافى لأن النفس إذا سكن أشعر بالنوم والعليل إذا نام أشعر بزوال مرضه أو خفته، فالمرأة صادقة باعتبار مرادها وأما خبرها بذلك فهو غير مطابق للأمر الذي فهمه أبو طلحة، فمن ثم قال الراوي: وظن أنها صادقة ومثل ذلك لا يسمى كذبًا على الحقيقة بل مندوحة عن الكذب.
وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن ثابت البناني) بضم الموحدة (عن أنس بن مالك)﵁ أنه (قال: كان النبي ﷺ في مسير له فحدا الحادي) أنجشة الحبشي والحدو سوق الإبل والغناء لها (فقال النبي ﷺ):
(ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير) متعلق بقوله ارفق، ولأبي ذر: ويحك القوارير بإسقاط الجار ونصب القوارير أي النساء فهو من المعاريض وهي التورية بالشيء عن الشيء كما مر معناه.