للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٦٠ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ».

وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الحوضي النمري الأزدي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد هو ابن زياد) القرشي الجمحي مولاهم أنه (قال: سمعت أبا هريرة) (عن النبي ) أنه (قال):

(إذا أتى أحدكم خادمه) بنصب أحدكم ورفع خادمه مفعولًا وفاعلًا (بطعامه) جار ومجرور في موضع نصب. زاد أحمد والترمذي فليجلسه معه (فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين) بضم الهمزة فيهما أي لقمة أو لقمتين وأما بالفتح فمعناه المرة الواحدة مع الاستيفاء وليس مرادًا هنا وأو للتقسيم (أو) قال: (لقمة أو لقمتين) بالشك من الراوي وعند الترمذي بلفظ لقمة فقط، ولمسلم تقييد ذلك بما إذا كان الطعام قليلًا ومقتضاه أنه إذا كان كثيرًا فإما أن يقعده معه وإما أن يجعل حظه منه كثيرًا (فإنه ولي حرّه) عند الطبخ (وعلاجه) عند تحصيل الآنية وتركيبه وإصلاحه.

وفي رواية لأحمد فإنه ولي حرّه ودخانه، والأمر هنا للندب وينبغي أن يلحق بهذا الذي طبخ من حمله أو عاينه ولو هرًّا أو كلبًا لتعلق نفسه به فربما وقع الضرر للآكل منه، فينبغي إطعامه من ذلك لتسكن نفسه ويتقي شر عينه وقد قيل: إنه ينفصل من البصر سموم تركب الطعام لا دواء لها إلا بشيء يطعمه من ذلك الطعام للناظر إليه.

٥٦ - باب الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ، مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ. فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -

هذا (باب) بالتنوين (الطاعم) وهو كما في القاموس وغيره الحسن الحال في المطعم (الشكر) لربه تعالى على ما أنعم به عليه في الثواب (مثل الصائم الصابر) على الجوع والطاعم مبتدأ أو مثل الصائم خبره.

فإن قلت: قد تقرر في علم البيان أن التشبيه يستدعي الجهة الجامعة والشكر نتيجة النعماء كما أن الصبر نتيجة البلاء فكيف شبه الشاكر بالصابر. أجيب: بأن هذا تشبيه في أصل ما لكل واحد منهما من الأجر لا في المقدار وهذا كما يقال زيد كعمرو فإن معناه زيد يشبه عمرًا في بعض الخصال ولا يلزم منه المماثلة في جميعها فلا تلزم المماثلة في الأجر أيضًا، وقال شارح المشكاة: قد ورد الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر وربما يتوهم متوهم أن ثواب شكر الطاعم يقصر عن ثواب صبر الصائم فأزيل توهمه به يعني هما سيان في الثواب. قال: وفيه وجه آخر وهو أن الشاكر لما رأى النعمة من الله وحبس نفسه على محبة المنعم بالقلب وأظهرها باللسان نال درجة الصابر قال:

وقيدت نفسي في ذراك محبة … ومن وجد الإحسان قيدًا تقيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>