(باب ما يتعوذ) بضم أوله مبنيًّا للمفعول أي بيان التعوّذ (من الجبن) وهو ضد الشجاعة.
وبه قال:(حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: (حدّثنا عبد الملك بن عمير) بضم العين مصغرًا ابن سويد الكوفي القرشي بفتح الفاء والراء ثم مهملة نسبة إلى فرس له سابق (قال: سمعت عمرو بن ميمون الأودي) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة نسبة إلى أود بن معن في باهلة (قال: كان سعيد) هو ابن أبي وقاص أحد العشرة (يُعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول الله ﷺ كان يتعوذ منهن) بالميم وفي بعض الأصول بهم (دبر الصلاة): بعد السلام منها.
(اللهم إني أعوذ بك من الجبن) وهو ضد الشجاعة (وأعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر)، هو الخرف أي يعود كهيئته الأولى في زمن الطفولية سخيف العقل قليل الفهم أو هو أردؤه وهو حال الهرم والضعف عن أداء الفرائض وعن خدمة نفسه فيكون كلاًّ على أهله مستثقلاً بينهم يتمنون موته وإن لم يكن له أهل فالمصيبة أعظم. (وأعوذ بك من فتنة الدنيا)، زاد في باب: التعوذ من البخل من رواية آم عن شعبة عن عبد الملك عن مصعب عن سعد "وأعوذ بك من فتنة الدنيا" يعني فتنة الدجال، وحكى الكرماني أن هذا من زيادات شعبة بن الحجاج. قال ابن حجر: وليس كما قال فقد بيّن يحيى بن بكير عن شعبة أنه من كلام عبد الملك بن عمير راوي الخبر أخرجه الإسماعيلي من طريقه، وفي إطلاق الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنته أعظم الفتن الكائنة في الدنيا (وأعوذ بك من عذاب القبر) الواقع أن الكفار ومن شاء الله من الموحدين بمطارق من حديد يسمعه خلق الله كلهم إلا الجن والإنس أعاذنا الله من ذلك ومن سائر المهالك بمنّه وكرمه، والإضافة هنا من إضافة المظروف إلى ظرفه فهو على تقدير في أيٍّ من عذاب القبر. قال عبد الملك بن عمير:(فحدّثت به) أي بهذا الحديث (مصعبًا) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح العين بعدها موحدة ابن سعد بن أبي وقاص (فصدقه).
ومطابقة الحديث للترجمة واضحة وإنما استعاذ من الجبن لأنه يؤدي إلى عذاب الآخرة كما قاله المهلب لأنه يفر من قرنه في الزحف فيدخل تحت الوعيد فمن ولى فقد باء بغضب من الله، وربما