للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجدته في فرع اليونينية، وحكى صاحب المطالع: أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشادّ مبني لما لم يسمّ فاعله وتعقبه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب، وجمع بينهما الحافظ ابن حجر بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة، ولابن عساكر: ولن يشادّ إلا غلبه، وله أيضًا ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه (فسدّدوا) بالمهملة من السداد وهو التوسط في العمل أي الزموا السداد من غير إفراط ولا تفريط (وقاربوا) في العبادة وهو بالموحدة أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه (وأبشروا) بقطع الهمزة من الإبشار، وفي لغة بضم الشين من البشرى بمعنى الإبشار أي أبشروا بالثواب على العمل، وأبهم المبشر به للتنبيه على تعظيمه وتفخيمه وسقط لغير أبي ذر لفظ وأبشروا (واستعينوا) من الإعانة (بالغدوة) سير أول النهار إلى الزوال أو ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس كالغداة والغدية (والروحة) اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل، وضبطهما الحافظ ابن حجر كالزركشي والكرماني بفتح أولهما، وكذا البرماويّ وهو الذي في فرع اليونينية، وضبطه العيني بضم أول الغدوة وفتح أول الثاني. قلت: وكذا ضبطه ابن الأثير وعبارته: والغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، ثم عطف على السابق قوله: (وشيء) أي واستعينوا بشيء (من الدلجة) بضم الدال المهملة وإسكان اللام سير آخر الليل أو الليل كله، ومن ثم عبر بالتبعيض ولأن عمل الليل أشرف من عمل النهار وفي هذا استعارة الغدوة والروحة وشيء من الدلجة لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة، فإن هذه الأوقات أطيب أوقات المسافر فكأنه خاطب مسافرًا إلى مقصده فنبّهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة، ورواة هذا الحديث ما بين مدنيّ وبصري وفيه التحديث والعنعنة، وأخرج المؤلف طرفًا منه في الرقاق وأخرجه النسائي.

ولما كانت الصلوات الخمس أفضل طاعات البدن وهي تقام في هذه الأوقات الثلاث، فالصبح في الغدوة، والظهر والعصر في الروحة، والعشاءان في جزء الدلجة عند من يقول إنها سير الليل كله عقب المصنف هذا الباب بذكر الصلاة من الإيمان فقال:

٣٠ - باب الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ يَعْنِي صَلَاتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ

هذا (باب) بالتنوين (الصلاة من الإيمان) أي شعبة من شعبه مبتدأ وخبر ويجوز إضافة الباب إلى الجملة ولفظ باب ساقط عند الأصيلي (وقول الله تعالى) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي ﷿ وقول بالرفع عطفًا على لفظ الصلاة والجر عطفًا على المضاف إليه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ بالخطاب، وكان المقام يقتضي الغيبة، لكنه قصد تعميم الحكم للأمة الأحياء والأموات فذكر الأحياء المخاطبين تغليبًا لهم على غيرهم، وفسر البخاري الإيمان بقوله: (يعني صلاتكم) بمكة (عند البيت)

<<  <  ج: ص:  >  >>