الفضل إلا في مدّ النبي ﷺ) وإن كان مد هشام أفضل بحسب الوزن قال أبو قتيبة سلم أيضًا (وقال لي مالك) الإمام: (لو جاءكم أمير فضرب مدًّا أصغر من مد النبي ﷺ بأي شيء كنتم تعطون)؟ الفطرة والكفارة قال أبو قتيبة:(قلت) له: (كنا نعطي) ذلك (بمد النبي ﷺ قال) مالك: (أفلا ترى أن الأمر إنما يعود إلى مد النبي ﷺ) لأنه إذا تعارضت الأمداد الثلاثة الأوّل والحادث وهو الهشامي وهو زائد عليه والثالث المفروض وقوعه وإن لم يقع وهو دون الأوّل كان الرجوع إلى الأوّل أولى لأنه الذي تحققت شرعيته لنقل أهل المدينة له قرنًا بعد قرن وجيلاً بعد جيل وقد رجع أبو يوسف بمثل هذا إلى قول مالك كما مرّ.
والحديث من أفراده وهو غريب ما رواه عن مالك إلا أبو قتيبة ولا عنه إلا المندر.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الحافظ قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك)﵁(أن رسول الله ﷺ قال):
(اللهم بارك لهم) أي أهل المدينة (في مكيالهم وصاعهم ومدهم) البركة بمعنى النماء والزيادة قال الإمام أبو زكريا النووي الظاهر أن المراد البركة في نفس المكيل بالمدينة بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها. قلت: وقد رأيت من ذلك في سنة خمس وتسعين وثمانمائة العجب العجاب فالله تعالى لوجهه الكريم يردني إليها ردًّا جميلاً ويجعل وفاتي بها على الكتاب والسنّة في عافية بلا محنة ويعتق رقبتي من النار بمنه وكرمه.
هذا (باب قول الله تعالى) في آية كفارة اليمين من سورة المائدة (﴿أو تحرير رقبة﴾)[المائدة: ٨٩] قال الحنفية: مؤمنة أو كافرة لإطلاق النص إلا في كفارة القتل فإن الله قيد الرقبة فيها بالإيمان وشرط الشافعي ﵀ الإيمان لجميع الكفارات مثل كفارة القتل والظهار والجماع في نهار رمضان حملاً للمطلق على المقيد كما أن الله تعالى قيد الشهادة بالعدالة في موضع فقال ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ [الطلاق: ٢] وأطلق في موضع فقال: ﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم﴾ [البقرة: ٢٨٢] ثم العدالة شرط في جميعها حملاً للمطلق على المقيد كذلك هذا (وأي الرقاب أزكى) فيه إيماء إلى حديث أبي ذر السابق في أوائل العتق. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها، وكأن المؤلّف أشار بذلك إلى موافقة الحنفية لأن أفعل