والمراد بذلك النهي عن فعله لأنها تصير صلاتين، وربما يتطاول الزمان فيظن وجوبهما.
ولا ريب أن التفرغ للفريضة والشروع فيها تلو شروع الإمام أولى من التشاغل بالنافلة، لأن التشاغل بها يفوّت فضيلة الإحرام مع الإمام. وقد اختلف في صلاة سنة فريضة الفجر عند إقامتها، فكرهها الشافعي وأحمد وغيرهما وقال الحنفية لا بأس أن يصلّيها خارج المسجد إذا تيقن إدراك الركعة الأخيرة مع الإمام، فيجمع بين فضيلة السُّنَّة وفضيلة الجماعة. وقيّدوه بباب المسجد لأن فعلها في المسجد يلزم منه تنفله فيه مع إشغال إمامه بالفرض، وهو مكروه لحديث: إذا أقيمت الصلاة.
وقال المالكية لا تبتدأ صلاة بعد الإقامة لا فرضًا ولا نفلاً لحديث: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، أي الحاضرة. وإن أقيمت وهو في صلاة قطع إن خشي فوات ركعة. وإلاّ أتم.
ورواة هذا الحديث ما بين نيسابوري ومدني وواسطي، وفيه التحديث والقول واثنان من التابعين وأخرجه مسلم في الصلاة.
(تابعه) أي تابع بهز بن أسد في روايته عن شعبة بهذا الإسناد (غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة، محمد بن جعفر ابن زوج شعبة، مما وصله أحمد (ومعاذ) بالذال المعجمة، ابن معاذ البصري، مما وصله الإسماعيلي (عن شعبة) بن الحجاج في الرواية (عن مالك) أي ابن بحينة ولأبوي ذر والوقت ومعاذ عن مالك (وقال ابن اسحاق) محمد صاحب المغازي (عن سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم (عن حفص) هو ابن عاصم (عن عبد الله بن بحينة) وهذه موافقة لرواية إبراهيم بن سعد عن أبيه، وهي الراجحة (وقال حماد) هو ابن أبي سلمة لا ابن زيد (أخبرنا سعد عن حفص عن مالك) فوافق شعبة في قوله عن مالك ابن بحينة والأول هو الصواب كما مر.
٣٩ - باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ
(باب) بيان (حد المريض) بالحاء المهملة أي ما يحدّ للمريض (أن يشهد الجماعة) حتى إذا جاوز ذلك الحد لم يشرع له شهودها.
وقال ابن بطال وغيره: معنى الحدّ هنا الحدة، كقول عمر في أبي بكر: كنت أداري منه بعض الحد، أي الحدة، والمراد الحض على شهودها. وقال ابن قرقول، مما عزاه للقابسي: باب جد بالجيم، أي اجتهاد المريض لشهود الجماعة.