(فقالوا: إنك تواصل، قال): (إني لست كهيئتكم إني يطعمني رب ويسقين) بحذف الياء وإثباتها كما مرّ والياء في يطعمني بالضم وفي يسقين بالفتح، والصحيح أن هذا ليس على ظاهره لأنه لو كان على الحقيقة لم يكن مواصلاً، وقيل: إنه كان يؤتى بطعام وشراب في النوم فيستيقظ وهو يجد الريّ والشبع. وقال النووي في شرح المهذّب: معناه محبة الله تشغلني عن الطعام والشراب والحب البالغ يشغل عنهما وآثر اسم الرب دون اسم الذات المقدسة في قوله: يطعمني ربي دون أن يقول الله لأن التجلي باسم الربوبية أقرب إلى العباد من الألوهية لأنها تجلي عظمة لا طاقة للبشر بها وتجلي الربوبية تجلي رحمة وشفقة وهي أليق بهذا المقام.
(قال أبو عبد الله) البخاري كذا لأبوي ذر والوقت وسقط لغيرهما (لم يذكر عثمان) بن أبي شيبة في الحديث المذكور قوله (رحمة لهم) فدلّ على أنها من رواية محمد بن سلام وحده.
وأخرجه مسلم عن إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة جميعًا وفيه رحمة لهم ولم يبين أنها ليست في رواية عثمان، وقد أخرجه أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما عن عثمان وليس فيه رحمة لهم.
وأخرجه الجوزقي من طريق محمد بن حاتم عن عثمان وفيه رحمة لهم فيحتمل أن يكون عثمان تارة يذكرها وتارة يحذفها وقد رواها الإسماعيلي عن جعفر الفريابي عن عثمان فجعل ذلك من قول النبي ﷺ ولفظه قالوا: إنك تواصل، قال:(إنما هي رحمة رحمكم الله بها إني لست كهيئتكم) قاله في فتح الباري.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الإيمان ومسلم في الصوم وكذا النسائي.