وبه قال:(حدّثنا مالك بن إسماعيل) أبو غسان النهدي الكوفي قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح بضم الصاد وفتح الموحدة (عن ابن عباس)﵄ أنه (قال: كان آخر قول إبراهيم) الخليل (حين ألقي في النار ﴿حسبي الله ونعم الوكيل﴾) فلما أخلص قلبه لله قال الله تعالى: ﴿يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم﴾ [الأنبياء: ٦٢] وفي حديث أبي هريرة عند ابن مردويه مرفوعًا: إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾.
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾) قرئ يحسبن بالياء والتاء وعلى التقديرين المضاف محذوف أي بخل الذين إذا كان الحسبان للنبي ﷺ أو لكل أحد تقديره بخل الذين يبخلون وإذا كان الفاعل الذين فالتقدير بخلهم هو خيرًا لهم (﴿بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به﴾) بيان الشرية أي سيصير عذاب بخلهم لازمًا كالطوق في أعناقهم (﴿يوم القيامة﴾) روي أن حيّة تنهشه من فرقه إلى قدمه وتبقر رأسه (﴿ولله ميراث السماوات والأرض﴾) ما فيهما مما يتوارث ملك له تعالى فما لهؤلاء لا يبخلون بملكه ولا ينفقونه في سبيله والتعبير بالميراث خطاب بما نعلم (﴿والله بما تعملون خبير﴾)[آل عمران: ١٨٠] وسقط لغير أبي ذر من قوله: ﴿هو خيرًا لهم﴾ إلى آخره وقال الآية بالنصب.
وقال العوفي عن ابن عباس فيما رواه ابن جرير: نزلت في أهل الكتاب الذين بخلوا بما في أيديهم من الكتب المنزلة أن يبينوها، وقيل في اليهود الذين سئلوا أن يخبروا بصفة محمد ﷺ عندهم فبخلوا بذلك وكتموه فيكون البخل بكتمان العلم، والطوق أن يجعل في رقابهم أطواق النار وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا:"من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم.