الشافعي يقول: القياس عند الضرورة ومع ذلك فليس القائل برأيه على ثقة من أنه وقع على المراد من الحكم في نفس الأمر وإنما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ وبالله التوفيق، ولأبي ذر: ولو أستطيع أن أردّ أمر رسول الله ﷺ عليه لرددته.
(وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا) في الله (إلى أمر يفظعنا) بضم التحتية وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة يوقعنا في أمر فظيع أي شديد في القبح (إلا أسهلن) أي السيوف ملتبسة (بنا) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة واللام بينهما هاء مفتوحة آخره نون أي لا أفضين بنا، ولأبي ذر عن الكشميهني إلا أسهلن بها (إلى أمر) سهل (نعرفه) حالاً ومآلاً فأدخلتنا فيه (غير هذا الأمر) الذي نحن فيه فإنه مشكل حيث عظمت المصيبة بقتل المسلمين وشدة المعارضة من حجج الفريقين إذ حجّة عليّ وأتباعه ما شرع من قتال أهل البغي حتى يرجعوا إلى الحق، وحجة معاوية وأتباعه قتل عثمان ظلمًا ووجود قتلته بأعيانهم في العسكر العراقي فعظمت الشبهة حتى اشتد القتال إلى أن وقع التحكيم فكان ما كان.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: اتهموا رأيكم على دينكم ونسب اليوم إلى أي جندل لا إلى الحديبية لأن ردّه إلى المشركين كان شاقًّا على المسلمين وكان ذلك أعظم ما جرى عليهم من سائر الأمور وأرادوا القتال بسببه وأن لا يردوا أبا جندل ولا يرضوا بالصلح.
والحديث سبق في كتاب الجزية.
(قال) الأعمش سليمان بالسند السابق (وقال أبو وائل): شقيق بن سلمة (شهدت) أي حضرت وقعة (صفين) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة بعدها تحتية ساكنة فنون لا ينصرف للعلمية والتأنيث بقعة بين الشام والعراق بشاطئ الفرات (وبئست صفون) بضم الفاء بعدها واو بدل الياء أي بئست المقاتلة التي وقعت فيها وإعراب الواقع هنا كإعراب الجمع في نحو قوله تعالى: ﴿كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين * وما إدراك ما عليون﴾ [المطففين: ١٨، ١٩] والمشهور إعرابه بالنون والتحتية ثابتة في أحواله الثلاثة تقول: هذا صفين برفع النون ورأيت صفين ومررت بصفين بفتح النون فيهما. قال في الفتح: ولأبي ذر شهدت صفين وبئست صفين بالتحتية فيهما ولغيره الثاني بالواو وفي رواية النسفيّ مثله، لكن قال: بئست الصفون بزيادة الألف واللام وبعضهم فتح الصاد والفاء مكسورة مشددة اتفاقًا والله أعلم.