للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبوّب عليه البخاري فقال: سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال إنها سرية الأنصاري ثم روي عن عليّ قال: بعث النبي سرية واستعمل رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال: أليس قد أمركم النبي أن تطيعوني؟ قالوا: بلى قال: فاجمعوا لي حطبًا فجمعوا فقال: أوقدوا نارًا فأوقدوها، فقال ادخلوا فهمّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي من النار فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه، فبلغ ذلك النبي فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف واختلاف السياقين يدل على التعدد، لا سيما وعبد الله بن حذافة مهاجري قرشي والذي في حديث عليّ أنصاري، وقد اعترض الداودي على القول بأن الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بأنه وهم من غير ابن عباس لأن الآية إن كانت نزلت قبل هذه القصة فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره، وإن كانت بعد فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه؟.

وأجاب في الفتح بأن المراد من قصة ابن حذافة قوله تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء: ٥٩] لأن أهل السرية تنازعوا في امتثال ما أمرهم به فالذين هموا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة والذين امتنعوا عارض عندهم الفرار من النار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله إلى رسوله.

١١ - باب ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿فلا وربك﴾) أي فوربك ولا مزيدة لتأكيد القسم لا لتظاهر لا في قوله: (﴿لا يؤمنون﴾) لأنها تزاد أيضًا في الإثبات كقوله تعالى: ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ [البلد: ١] قاله في الأنوار كالكشاف وعبارته بعد ذكره نحو ما سبق.

فإن قلت: هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر لا في لا يؤمنون قلت: يأبى ذلك استواء النفي والإثبات فيه وذلك قوله تعالى: ﴿فلا أقسم بما تبصرون قومًا لا تبصرون إنه لقول رسول كريم﴾ [الحاقة: ٣٨ - ٤٠] انتهى.

قال في الانتصاف: أراد الزمخشري أنها لما زيدت حيث لا يكون القسم نفيًا دلت على أنها إنما تزاد لتأكيد القسم فجعلت كذلك في النفي والظاهر عندي أنها هنا لتوطئة القسم وهو لم يذكر مانعًا منه إنما ذكر محملًا لغير هذا وذلك لا يأبى مجيئها في النفي على الوجه الآخر من التوطئة على أن دخولها على المثبت فيه نظر فلم تأت في الكتاب العزيز إلا مع القسم بالفعل ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ [البلد: ١] ﴿لا أقسم بيوم القيامة﴾ [القيامة: ١] ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم﴾ [الواقعة: ٧٥] ﴿فلا أقسم بما تبصرون﴾ [الحاقة: ٣٨] ولم يأت إلا في القسم بغير الله وله سرّ يأبى أن يكون هاهنا لتأكيد القسم، وذلك أن المراد بها تعظيم المقسم به في الآيات المذكورة فكأنه بدخولها يقول إعظامي لهذه الأشياء المقسم بها كلا إعظام إذ هي تستوجب فوق ذلك وإنما يذكر هذا لتوهم وقوع عدم تعظيمها فيؤكد بذلك وبفعل القسم

<<  <  ج: ص:  >  >>