وبه قال:(حدّثنا مسدد) قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء آخره عين مهملة مصغرًا قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس ﵄) أنه (قال: نهى النبي-ﷺ عن الشرب من في السقاء) وقد قيل في علة ذلك زيادة على ما سبق أنه ربما يغلبه الماء فينصب منه أكثر من حاجته فتبتل ثيابه وربما فسد الوعاء ويتقذره غيره لما يخالط الماء من ريق الشارب فيؤول إلى إضاعة المال. قال ابن العربي: واحدة مما ذكر تكفي في ثبوت الكراهة ومجموعها يقوّي الكراهة جدًّا. وقال ابن أبي حمزة الذي يقتضيه الفقه أنه لا يبعد أن يكون النهي بمجموع هذه الأمور وفيها ما يقتضي الكراهة وما يقتضي التحريم والقاعدة في مثل ذلك ترجيح القول بالتحريم انتهى.
وقول النووي يؤيد كون النهي للتنزيه أحاديث الرخصة في ذلك تعقبه في الفتح بأنه لم ير في شيء من الأحاديث المرفوعة ما يدل على الجواز إلا من فعله ﷺ وأحاديث النهي كلها من قوله فهي أرجح إذا نظرنا إلى علة النهي عن ذلك، فإن جميع ما ذكروه في ذلك يقتضي أنه مأمون منه ﷺ-أما أوّلاً فلعصمته وطيب نكهته وأما خوف دخول شيء من الهوام في الجوف فقد سبق ما فيه.
وهذا الحديث أخرجه ابن ماجة في الأشربة.
٢٥ - باب التَّنَفُّسِ فِى الإِنَاءِ
(باب التنفس) أي حكمه ولأبي ذر باب النهي عن التنفس (في الإناء).
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا شيبان) بالشين المعجمة ابن عبد الرحمن النحوي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري ﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(إذا شرب أحدكم) ماء أو غيره (فلا يتنفس في) داخل (الإناء) خوف ما ذكره من تقذر في الباب السابق فلو كان وحده أو مع من لا يتقذر منه فلا بأس به (وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره) ولا دبره (بيمينه وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه) تشريفًا لليمين عن مماسة ما فيه أذى والنهي للتنزيه عند الجمهور ومباحث ذلك مرت في باب النهي عن الاستنجاء باليمين في الطهارة.