ففي هذا الحديث أن القرآن يطلق ويراد به القراءة، فإن المراد بقوله قرآنه القراءة لا نفس القرآن وإن تحريك اللسان والشفتين بقراءة القرآن عمل للقارئ يؤجر عليه وقوله فإذا قرأناه فاتبع قرآنه فيه إضافة الفعل إلى الله تعالى والفاعل له من يأمره بفعله فإن القارئ لكلامه تعالى على النبي ﷺ هو جبريل، ففيه بيان لكل ما أشكل من فعل ينسب إلى الله تعالى مما لا يليق به فعله من المجيء والنزول ونحو ذلك قاله ابن بطال.
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن مراد البخاري بهذين الحديثين الموصول والمعلق الرد على من زعم أن قراءة القارئ قديمة فأبان أنّ حركة لسان القارئ بالقرآن من فعل القارئ بخلاف المقروء فإنه كلام الله القديم، كما أنّ حركة لسان ذاكرًا لله حادثة من قعله والمذكور هو الله تعالى.
(باب قول الله تعالى: ﴿وأسروا قولكم أو اجهروا به﴾) ظاهره الأمر بأحد الأمرين الإسرار والإجهار ومعناه ليستو عندكم إسراركم إجهاركم في علم الله بهما (﴿إنه عليم بذات الصدور﴾ [الملك: ١٣]) أي بضمائرها قبل أن تترجم الألسنة عنها فكيف لا يعلم ما تكلم به (﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾ [الملك: ١٤]) أي العالم بدقائق الأشياء والخبير العالم بحقائق الأشياء وفيه إثبات خلق الأقوال فيكون دليلاً على خلق أفعال العباد (يتخافتون): أي (يتسارون). بتشديد الراء فيما بينهما بكلام خفي.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (عمرو بن زرارة) بفتح العين وزرارة بضم الزاي وتخفيف الراء الكلابي النيسابوري (عن هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير قال: (أخبرنا أبو بشر) بموحدة فمعجمة ساكنة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس