للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي فعلمت أنه يوحى إليه فقال: ﴿ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي﴾) الجمهور على أنه الروح الذي في الحيوان سألوه عن حقيقته فأخبر أنه من أمر الله أي مما استأثر الله بعلمه وقيل سألوه عن خلق الروح أهو مخلوق أم لا وقوله من أمر ربي دليل على خلق الروح فكان هذا جوابًا (﴿وما أوتيتم﴾) بواو بعد الفوقية (﴿من العلم إلا قليلاً﴾ [الإسراء: ٨٥]. قال الأعمش): سليمان (هكذا في قراءتنا) وهو خطاب لليهود لأنهم قالوا قد أوتينا التوراة وفيها الحكمة. ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] فقيل لهم إن علم التوراة قليل في جنب علم الله فالقلة والكثرة من الأمور الإضافية فالحكمة التي أوتيها العبد خير كثير في نفسها إلا أنها إذا أضيفت إلى علم الله تعالى فهي قليلة. قال في الفتح: ووقع في رواية الكشميهني وما أوتيتم وفق القراءة المشهورة.

والحديث سبق قريبًا.

٣٠ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: ١٠٩].

﴿وَلَوْ أَنَّ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٢٧].

﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤] سَخَّرَ: ذَلَّلَ.

(باب قول الله تعالى: ﴿قل لو كان البحر﴾) أي ماء البحر (﴿مدادًا لكلمات ربي﴾) أي لو كتبت كلمات علم الله وحكمته وكان البحر مدادًا لها والمراد بالبحر الجنس (﴿لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله﴾) بمثل البحر (﴿مدادًا﴾ [الكهف: ١٥٩]) لنفد أيضًا والكلمات غير نافدة ومددًا تمييز أو المراد مثل المداد وهو ما يمد به ينفد (﴿ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله﴾ [لقمان: ٢٧]) أي ولو ثبت كون الأشجار أقلامًا وثبت البحر ممدودًا بسبعة أبحر. وكان مقتضى الكلام أن يقال ولو أن الشجر أقلام والبحر مداد لكن أغنى عن ذكر المداد قوله يمده لأنه من قولك مدّ الدواة وأمدها جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادًا فهي تصب في مدادها أبدًا صبًّا حتى لا ينقطع، والمعنى ولو أن أشجار الأرض أقلام والبحر ممدود بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله لما نفدت كلماته ونفدت الأقلام والمداد لقوله: ﴿قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>