وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما ذكر فضل الاغتسال يوم الجمعة، وفضل التبكير إليها.
وإن الفضل المذكور إنما يحصل لمن جمعهما، وعليه يحمل ما أطلق في باقي الروايات من ترتب الفضل على التبكير من غير تقييد بالغسل، ولو تعارض الغسل والتبكير فمراعاة الغسل، كما قال الزركشي أولى، لأنه مختلف في وجوبه، ولأن نفعه متعدٍّ إلى غيره بخلاف التبكير.
تنبيه:
السُّنَّة في التبكير إنما هي لغير الإمام، أما الإمام فيندب له التأخير إلى وقت الخطبة لاتباعه ﷺ وخلفائه. قاله الماوردي، ونقله في المجموع، وأقرّه. والله أعلم.
[٥ - باب]
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة، وهو كالفصل من الباب السابق.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا شيبان) بفتح المعجمة والموحدة، ابن عبد الرحمن التميمي النحوي، نسبة إلى بطن من الأزد، لا إلى علم النحو، البصري، نزيل الكوفة (عن يحيى) زاد أبو ذر: هو ابن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل (عن أبي هريرة)﵁(أن عمر) بن الخطاب (﵁، بينما) بالميم (هو يخطب يوم الجمعة) أي: على المنبر، وجواب بينما، قوله، (إذ دخل رجل) هو عثمان بن عفان ﵁(فقال) له (عمر) وللأصيلي: عمر بن الخطاب،﵁:(لم تحتبسون عن) الحضور إلى (الصلاة) في أول وقتها؟ (فقال الرجل) عثمان: (ما هو) أي الاحتباس (إلا أن سمعت النداء) الأذان، ولغير أبي ذر والأصيلي وابن عساكر: إلاّ سمعت النداء (فتوضأت فقال): عمر له ولمن حضر من الصحابة: (ألم تسمعوا النبي ﷺ يقول) كذا لأبي ذر والأصيلي، ولغيرهما: قال:
(إذا راح أحدكم) أي: أراد أحدكم الرواح (إلى) صلاة (الجمعة فليغتسل) ندبًا، كما مرّ.
ووجه مطابقته للترجمة السابقة من حيث إنكار عمر على عثمان احتباسه عن التبكير بمحضر من الصحابة، وكبار التابعين، مع عظم جلالته، فلولا عظم فضل ذلك لما أنكر عليه، وإذا ثبت الفضل في التبكير إلى الجمعة ثبت الفضل لها.