(لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى) قال ابن أبي جمرة: يريد بذلك نفي التكييف والتحديد على ما قاله ابن الخطيب لأنه قد وجدت الفضيلة بينهما في عالم الحس، لأن نبينا ﷺ أسري به إلى فوق السبع الطباق؛ ويونس نزل به إلى قعر البحر، وقد قال نبينا ﷺ:"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" فهذه الفضيلة وجدت بالضرورة، فلم يبق أن يكون قوله ﵊"لا تفضلوني على يونس بن متى" ولا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس إلا بالنسبة إلى القرب من الله والبعد، فمحمد ﷺ وإن أسري به إلى فوق السبع الطباق واخترق الحجب ويونس وإن نزل به لقعر البحر فهما بالنسبة إلى القرب والبعد من الله على حد واحد انتهى.
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿واسألهم﴾) بهمزة وصل وسكون السين أي: واسأل
يا محمد اليهود، ولأبي ذر: وسلهم بإسقاط الألف وفتح السين (﴿عن القرية﴾) عن خبر أهلها
(﴿التي كانت حاضرة البحر﴾) أي قريبة منه وهي أيلة قرية بين مدين والطور على شاطئ البحر
وقيل مدين وقيل طبرية (﴿إذ يعدون في السبت﴾) أي (يتعدون) أي (يتجاوزون) وفي اليونينية
وفرعها يجاوزون بضم التحتية وسقوط الفوقية وكسر الواو (في السبت) حدود الله بالصيد فيه (﴿إذ
تأتيهم حيتانهم﴾) (﴿[الأعراف: ١٦٣]. ظرف ليعدون (﴿يوم سبتهم﴾) يوم تعظيمهم أمر السبت
مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بالتجرد للعبادة.
(﴿شرعًا﴾) أي (شوارع) قاله أبو عبيدة (إلى قولها ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ [البقرة: ١٦٥]. ولأبي ذر: ويوم لا يسبتون إلى قوله: ﴿خاسئين﴾ روى أن الناهين لما أيسوا عن اتعاظ المعتدين كرهوا مساكنتهم فقسموا القرية بجدار وفيه باب مطروق، فأصبحوا يومًا ولم يخرج إليهم أحد من المعتدين فقالوا: إن لهم لشأنًّا فدخلوا عليهم فإذا هم قردة فلم يعرفوا أنسابهم، ولكن القردة تعرفهم فكان القرد يأتي إلى نسيبه فيحتك به فيقول الإنسان أنت فلان فيشير برأسه أي نعم فيقول له: أما حذرتك عقوبة الله أن تصيبك ثم ماتوا بعد ثلاث. قال ابن عباس: ما طعم مسخ قط ولا عاش فوق ثلاث. وعن مجاهد: مسخت قلوبهم لا أبدانهم وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس صار شبابهم قردة وشيوخهم خنازير وسقط لأبي ذر: كونوا قردة وزاد بئيس أي شديد فعيل من بؤس يبؤس بأسًا إذا اشتد.