للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال التوربشتي: ما ذكر هو من طريق الاحتمال وحق الأدب دون الكلمات النبوية التي هي مخازن لأسرار الربوبية ومعادن الحكم الإلهية أن لا يتكلم في هذا الحديث وأخواته لأن الله تعالى خصّ رسول الله بغرائب المعاني وكاشفه عن حقائق الأشياء ما يقصر عن بيانه باع الفهم ويكلّ عن إدراكه بصر العقل اهـ.

وظاهر الحديث يقتضي أن يحصل هذا لكل نائم، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بمن لم يحترز من الشيطان بشيء من الذكر كما في حديث آية الكرسي: ولا يقربك شيطان.

وسقط للمستملي قوله: يبيت، وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في الطهارة.

١٢ - باب ذِكْرِ الْجِنِّ وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ. لِقَوْلِهِ: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾. ﴿بَخْسًا﴾: نَقْصًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا﴾: قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ. قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾: سَيُحْضَرُونَ لِلْحِسَابِ. ﴿جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾: عِنْدَ الْحِسَابِ.

(باب ذكر) وجود (الجن و) ذكر (ثوابهم) على الطاعات (و) ذكر (عقابهم) على المعاصي، وقد دلت على وجودهم نصوص الكتاب والسنة مع إجماع كافة العلماء في عصر الصحابة والتابعين عليه وتواتر نقله عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم تواترًا ظاهرًا يعلمه الخاص والعام فلا عبرة بإنكار الفلاسفة والباطنية وغيرهم ذلك، وفي المبتدأ لإسحاق بن بشر القرشي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: خلق الله تعالى الجن قبل آدم بألفي سنة.

وفي ربيع الأبرار للزمخشري عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله خلق الخلق أربعة أصناف الملائكة والشياطين والجن والإنس، ثم جعل هؤلاء الأربعة عشرة أجزاء فتسعة منهم الملائكة وجزء واحد الشياطين والجن والإنس، ثم جعل هؤلاء الثلاثة عشرة أجزاء فتسعة منهم الشياطين وواحد الجن والإنس، ثم جعل الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن وواحد منهم الإنس". قال صاحب آكام المرجان: فعلى هذا تكون نسبة الإنس من الخلق كنسبة الواحد من الألف، ونسبة الجن من الخلق كنسبة التسعة من الألف، ونسبة الشياطين من الخلق كنسبة التسعين من الألف، ونسبة الملائكة من الخلق كنسبة التسعمائة من الألف، وقد ثبت في القرآن والسنة أن أصل الجن النار كما أن أصل الإنس الطين.

فإن قلت: إذا ثبت أنهم من النار فكيف تحرقهم الشهب عند استراقهم السمع والنار لا تحرق النار؟ أجيب: بأنه ليس المراد أن الجني نار حقيقة وإن كان أصله منها، كما أن الآدمي ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>