الباطل في صورة الحق وعكسه مذموم ولو كان ذلك في التوصل إلى الحق لم يذم، وإنما يذم من ذلك ما يتوصل به إلى الباطل في صورة الحق فالبلاغة إذًا لا تذم لذاتها وإنما تذم بحسب المتعلق الذي قد يمدح بسببه وهي في حدّ ذاتها ممدوحة، وهذا كما يذم صاحبها إذا طرأ عليه بسببها الإعجاب وتحقير غيره ممن لم يصل إلى درجته ولا سيما إن كان الغير من أهل الصلاح فإن البلاغة إنما تذم من هذه الحيثية بحسب ما ينشأ عنها من الأمور الخارجية عنها، ولا فرق في ذلك بين البلاغة وغيرها، بل كل فطنة توصل إلى المطلوب محمودة في حد ذاتها وقد تذم أو تمدح بحسب متعلقها. واختلف في تعريف البلاغة فقيل: أن يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه، وقيل إيصال المعنى إلى الغير بأحسن لفظ أو هي الإيجاز مع الإفهام والتصرف من غير إضمار، أو هي قليل لا يبهم وكثير لا يسأم، أو هي إجمال اللفظ واتساع المعنى، وقيل هي النطق في موضعه والسكوت في موضعه، وهذا كله عن المتقدمين. وعرّف أهل المعاني والبيان البلاغة بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع الفصاحة وهي خلوّه من التعقيد.
(باب) حكم (الشهادة) التي (تكون عند الحاكم في) زمان (ولايته القضاء) ولأبي ذر في ولاية القضاء (أو قبل ذلك) أي قبل ولايته القضاء (للخصم) متعلق بالشهادة أي للخصم الذي هو أحد الخصمين فهل يقضي له على خصمه لعلمه بذلك أو يشهد له عند قاض آخر.
(وقال شريح القاضي وسأله إنسان الشهادة) على شيء كان أشهده عليه ثم جاء فخاصم إليه (فقال) له شريح ولأبي ذر قال: (ائت الأمير حتى أشهد لك) عليه عنده ولم يحكم فيها بعلمه. وهذا وصله سفيان الثوري في جامعه عن عبد الله بن شبرمة عن الشعبي عنه ولم يسم الأمير.
(وقال عكرمة) مولى ابن عباس ﵄ فيما وصله الثوري أيضًا وابن أبي شيبة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة (قال عمر) بن الخطاب ﵁(لعبد الرحمن بن عوف)﵁ وكان عند عمر شهادة في آية الرجم وهي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله أنها من القرآن فلم يلحقها في المصحف بشهادته وحده (لو رأيت رجلاً) بفتح التاء (على