أعقابهم) بالكفر (منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: ﴿وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم﴾) مشاهدًا لأحوالهم من كفر وإيمان (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) المراقب لأحوالهم (وأنت على كل شيء شهيد) مطلع عليه مراقب له (إن تعذبهم فإنهم عبادك) ولا اعتراض على المالك المطلق فيما يفعل في ملكه (﴿وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾) الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة. وثبت:"إن تعذبهم … الخ" ولأبي ذرّ. وعند غيره بعد قوله:"شهيدًا" إلى قوله: "العزيز الحكيم".
(قال محمد بن يوسف الفربري) سقط لفظ "الفربري" لغير أبي ذر (ذكر) بضم الذال المعجمة مبنيًّا للمفعول (عن أبي عبد الله) محمد بن إسماعيل البخاري مما وصله الإسماعيلي (عن قبيصة) بن عقبة السوائي العامري، وهو شيخ البخاري، أنه (قال) في قوله "فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين … الخ": (هم المرتدون) من الأعراب (الذين ارتدّوا) عن الإسلام (على عهد أبي بكر) الصدّيق في خلافته (فقاتلهم أبو بكر ﵁) وهذا وصله الإسماعيلي. ولا ريب أن من ارتدّ سُلب اسم الصحبة لأنها نسبة شريفة إسلامية فلا يستحقّها من ارتدّ بعد أن اتّصف بها.
والحاصل أنه حمل قوله "من أصحابي" أي باعتبار ما كان قبل الردّة لأنهم ماتوا على ذلك.
وبه قال:(حدّثنا إسحاق) بن راهويه قال: (أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) الزهري قال: (حدّثنا أبي) إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (أن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ):
(و) الله (الذي نفسي بيده) بقدرته وتصريفه. قال في فتح الباري: فيه الحلف في الخبر مبالغة في تأكيده. (ليوشكن) بكسر المعجمة وفتح الكاف: ليقربن سريعًا (أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً) عند مسلم من طريق الليث عن ابن شهاب: "وحكمًا مقسطًا" أي حاكمًا عادلاً يحكم