أخفي عليّ) ولأبوي ذر والوقت عن الحموي: أخفي هذا عليّ (من أمر رسول الله ﷺ) والهمزة في أخفي للاستفهام وياء عليّ مشددة (ألهاني) الذي شغلني (الصفق بالأسواق يعني) عمر رضي عنه بذلك (الخروج إلى تجارةٍ) ولابن عساكر عن الكشميهني: إلى التجارة بالتعريف أي شغله ذلك عن ملازمة رسول الله ﷺ في بعض الأوقات حتى حضر من هو أصغر مني ما لم أحضره من العلم وفيه أن طلب الدنيا يمنع من استفادة العلم، وقد كان احتياج عمر ﵁ إلى السوق لأجل الكسب لعياله والتعفّف عن الناس.
وهذا موضع الترجمة، وفي ذلك ردّ على من يتنطع في التجارة فلا يحضر الأسوا ويتحرّج منها، لكن يحتمل أن تحرّج من يتحرّج لغلبة المنكرات في الأسواق في هذه الأزمنة بخلاف الصدر الأول، وفي الحديث أن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا له حكم الرفع.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاعتصام ومسلم في الاستئذان وأبو داود في الأدب.
(باب التجارة في البحر) أي باب إباحة ركوب البحر للتجارة. قال الحافظ ابن حجر: وفي بعض النسخ وغيره (وقال مطر) هو ابن طهمان أبو رجاء الوراق البصري مما وصله ابن أبي حاتم (لا بأس به) أي بركوب البحر (و) يقول (ما ذكره الله) أي ركوب البحر (في القرآن إلا بحق) ولابن عساكر: وما ذكر الله بإسقاط الضمير المنصوب وفي نسخة بالفرع إلا بالحق، ووقع في رواية الحموي وقال مطرف بدل مطر. قال الحافظ ابن حجر وغيره: إنه تصحيف (ثم تلا) مطر (﴿وترى الفلك مواخر فيه﴾) وهذه آية النحل ولأبي ذر: ﴿وترى الفلك فيه مواخر﴾ بتقديم فيه على مواخر وهذه آية سورة فاطر (﴿ولتبتغوا من فضله﴾)[النحل: ١٤] من سعة رزقه تركبونها للتجارة، ووجه حمل مطر ذلك على الإباحة أنه سيقت في مقام الامتنّان لأن الله تعالى جعل البحر لعباده لابتغاء فضله من نعمه التي عددها لهم وأراهم في ذلك عظيم قدرته وسخر الرياح باختلافها لحملهم وترددهم وهذا من عظيم آياته، وهذا يرد على من منع ركوب البحر فى إبّان ركوبه وهو قول يروى عن عمر ﵁. ولما كتب إلى عمرو بن العاص يسأله عن البحرّ فقال: خلف عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود فكتب إليه عمر ﵁ أن لا يركبه أحد طول حياته، فلما كان بعد عمر ﵁ لم يزل يركب حتى كان عمر بن عبد العزيز فاتبع فيه رأي عمر ﵁ وكان منع عمر لشدة شفقته على المسلمين، وأما إذا كان إبان هيجانه وارتجاجه فلا يجوز ركوبه لأنه تعرض للهلاك،