(باب قول الله تعالى) في سورة آل عمران: (﴿إن الذين يشترون﴾) يستبدلون (﴿بعهد الله﴾) بما عاهدون عليه من الأيمان بالرسول (﴿وأيمانهم﴾) وبما حلفوا به من قولهم لنؤمنن به ولننصرنه (﴿ثمنًا قليلاً﴾) متاع الدنيا (﴿أولئك لا خلاق لهم﴾) لا نصيب لهم (﴿في الآخرة﴾) ونعيمها وهذا مشروط بالإجماع بعدم التوبة فإن تاب سقط الوعيد (﴿ولا يكلمهم الله﴾) كلامًا يسرهم (﴿ولا ينظر إليهم يوم القيامة﴾) نظر رحمة ولا ينيلهم خيرًا وليس المراد منه النظر بتقليب الحدقة إلى المرئي تعالى الله عن ذلك (﴿ولا يزكيهم﴾) ولا يطهرهم من دنس الذنوب بالمغفرة أو لا يثني عليهم كما يثني على أوليائه كثناء المزكي للشاهد والتزكية من الله قد تكون على ألسنة الملائكة كما قال تعالى: ﴿والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾ [الرعد: ٢٤] وقد تكون بغير واسطة إما في الدنيا كما قال تعالى ﴿التائبون العابدون﴾ [التوبة: ١١٢] وأما في الآخرة كما قال تعالى ﴿سلام قولاً من رب رحيم﴾ [يس: ٥٨].
ثم لما بين تعالى حرمانهم مما ذكر من الثواب بين كونهم في العقاب فقال:(﴿ولهم عذاب أليم﴾)[آل عمران: ٧٧] مؤلم كذا في رواية كريمة سياق الآية إلى آخرها وقال في رواية أبي ذر: ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم﴾ الآية. واستفيد من الآية أن العهد غير اليمين لعطف العهد عليه.
(وقوله) ولأبي ذر وقول الله تعالى (جل ذكره ﴿ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم﴾) فعلة بمعنى المفعولة كالقبضة والغرفة أي لا تجعلوه معرضًا للحلف من قولهم فلان عرضة لكذا أي معرّض. قال كعب:
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت … عرضتها طامس الأعلام مجهول
وقال حسان:
هم الأنصار عرضتها اللقاء
وهما بمعنى معرّض لكذا أو اسم لما تعرضه على الشيء فيكون من عرض العود على الإناء