وبالسند إلى المؤلف قال:(حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي البصري ولابن عساكر بإسقاط لفظ ابن إسماعيل (قال حدّثنا همام) هو ابن يحيى بن دينار العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وبالذال المعجمة المتوفى سنة ثلاث وستين ومائة (قال: أخبرنا) ولابن عساكر والأصيلي حدّثنا (إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري (عن أنس) هو ابن مالك ﵁.
(أن النبي ﷺ رأى) أي أبصر (أعرابيًا يبول) أي بائلاً (في المسجد) فزجره الناس (فقال)﵊: (دعوه) أي اتركوا الأعرابيّ وهو الأقرع بن حابس فيما حكاه أبو بكر التاريخي أو ذو الخويصرة اليماني فيما نقل عن أبي الحسن بن فارس فتركوه خوفًا من مفسدة تنجيس بدنه أو ثوبه أو مواضع أخرى من المسجد أو يقطعه فيتضرر به (حتى إذا فرغ) أي من بوله كما للأصيلي وهذا كلام أنس وحتى للغاية أي فتركوه إلى أن فرغ منه فلما فرغ (دعا) النبي ﷺ(بماء) أي طلبه (فصبّه عليه) أي أمر بصبه عليه، وللأصيلي فصبّ بحذف ضمير المفعول، واستدل به على أن الأرض إذا تنجست تطهر بصب الماء عليها أي قدر ما يغمرها حتى تستهلك فيه، وقيل إن كانت صلبة بضم الصاد وإسكان اللام يصب عليها من الماء سبعة أمثاله. ونقل ذلك عن الشافعي ﵁ من غير تقييد بصلابة، قيل: ولعله أخذ من نسبة بول الأعرابيّ في الحديث الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى إلى الذنوب المصبوب عليه، وإن كانت الأرض رخوة تحفر إلى ما وصلت إليه النداوة وينقل التراب بناء على أن الغسالة نجسة لحديث أبي داود عن عبد الله بن معقل ﵁ خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء، وهذا قوله أصحاب أبي حنيفة ﵃ وعن أبي حنيفة ﵁ لا تطهر الأرض حتى تحفر إلى الموضع الذي وصلت إليه النداوة وينقل التراب، وقيل يشترط في تطهير الأرض أن يصب علي بول الواحد ذنوب وعلى بول الاثنين ذنوبان وهكذا، والأظهر هو الأوّل لحديث الباب ولاحقه إذ لم يأمر ﵊ فيهما بقلع التراب. وأما الحديث السابق الدال على قلعه فضعيف لأن إسناده غير متصل لأن ابن معقل لم يدرك النبي ﷺ وفي الحديث أيضًا من الفقه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادًا، ولا سيما إن كان ممن يحتاج إلى استئلافه وبقية ما يستفاد من الحديث تأتي قريبًا إن شاء الله ﷾، ورواته الأربعة ما بين بصري ومدني وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الباب التالي، وفي الأدب ومسلم في الطهارة والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة، والله أعلم.
٥٨ - باب صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِد
(باب) حكم (صب الماء على البول فى المسجد) النبوي وغيره من سائر المساجد.