١٩ - باب لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
هذا (باب) بالتنوين (لاّ يفرّق) الداخل المسجد (بين اثنين يوم الجمعة) لا: ناهية، والفعل من التفريق مبني للفاعل أو المفعول.
والتفرقة تتناول، أمرين أحدهما: التخطي، والثاني: أن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بينهما.
فأما الأوّل: فهو مكروه لأنه ﷺ، رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال له:"اجلس، فقد آذيت وآنيت". أي تأخرت. رواه ابن ماجة، والحاكم وصححاه.
وفي الطبراني أنه ﵊ قال لرجل:"رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم، من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".
وللترمذي:"من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرًا إلى جهنم". قال العراقي: المشهور: اتخذ مبنيًّا للمفعول، أي: يجعل جسرًا على طريق جهنم ليوطأ، ويتخطى كما تخطى رقاب الناس، فإن الجزاء من جنس العمل، ويحتمل أن يكون على بناء الفاعل، أي: اتخذ لنفسه جسرًا يمشي عليه إلى جهنم بسبب ذلك.
ولأبي داود، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه رفعه:"ومن تخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا"، أي: لا تكون له كفّارة لما بينهما.
نعم: لا يكره للإمام إذا لم يبلغ المحراب إلاّ بالتخطي لاضطراره إليه، ومن لم يجد فرجة بأن لم يبلغها إلاّ بتخطي صف أو صفين، فلا يكره، وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلاء الفرجة، لكن يستحب له إن وجد غيرها أن لا يتخطى.
وهل الكراهة المذكورة للتنزيه أم للتحريم؟ صرّح بالأول في المجموع، ونقل الشيخ أبو حامد الثاني عن نص الشافعي ﵀، واختاره في الروضة في: الشهادات، وقيد المالكية والأوزاعي الكراهة بما إذا كان الإمام على المنبر لحديث أحمد الآتي:
وأما الثاني: وهو، أن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بيهما، فيأتي إن شاء الله تعالى في الباب التالي.