للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٠٨ - قَالَ لِي خَلِيلِي -قَالَ قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟ قَالَ النَّبِيُّ -: يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلاَّ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ. وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا. لَا وَاللَّهِ، لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ ﷿".

(قال لي خليلي: قال): الأحنف (قلت من) ولأبي ذر: ومن (خليلك) زاد في نسخة يا أبا ذر (قال): أبو ذر: هو أي خليلي (النبي ) وقوله:

(يا أبا ذر أتبصر أحدًا)؟ الجبل المشهور معمول قال لي خليلي وحينئذ يستقيم الكلام ولا يقال فيه حذف خلافًا لابن بطال والزركشي وغيرهما حيث قالوا: أسقط قال النبي في جواب السائل من خليلك، أو قال النبي الثابتة جوابه وسقط قوله قال النبي يا أبا ذر، أو الساقط كما قاله في فتح الباري قال فقط من قوله قال: يا أبا ذر أتبصر؟ قال: وكأن بعض الرواة ظنها مكررة فحذفها ولا بد من إثباتها انتهى. (قال: فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار) قال البرماوي كالكرماني والزركشي والعيني أي أي شيء بقي منه وكأنهم جعلوها استفهامية. قال البدر الدماميني: وليس المعنى عليه إنما المعنى فنظرت إلى الشمس أتعرف القدر الذي بقي من النهار وأنظر الذي بقي منه فهي موصولة (وأنا أرى) بضم الهمزة أي أظن (أن رسول الله يرسلني في حاجة له. قلت: نعم) جواب أتبصر أحدًا. (قال: ما أحب أن لي مثل أُحد الجبل المشهور (ذهبًا) مثل اما اسم أن أو حال مقدمة على الخبر وذهبًا تمييز (أنققه) لخاصة نفسي (كله) أي مثل كل أحد ذهبًا (إلا ثلاثة دنانير) قال الكرماني: يحتمل أن هذا المقدار كان دينًا أو مقدار كفاية إخراجات تلك الليلة له ، وهذا محمول على الأولوية لأن جمع المال وإن كان مباحًا لكن الجامع مسؤول عنه. وفي المحاسبة خطر فكان الترك أسلم، وما ورد من الترغيب في تحصيله وإنفاقه في حقه محمول على من وثق بأنه يجمعه من الحلال الذي يأمن معه من خطر المحاسبة (وإن هؤلاء لا يعقلون) هو من قول أبي ذر عطفًا على قوله لا يعقلون شيئًا الأول وكرره للتأكيد وربط ما بعده به (إنما يجمعون الدنيا) بيان لعدم عقلهم كما مرّ (لا والله) ولأبي ذر عن الكشميهني: ولا الله (لا أسألهم دنيا) أي شيئًا من متاعها بل أقنع بالقليل وأرضى باليسير (ولا أستفتيهم عن دين) اكتفاء بما سمعه من العلم من رسول الله (حتى ألقى الله ﷿ فيه كثرة زهد أبي ذر، وقد كان مذهبه أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته.

وفي هذا الحديث التحديث والإخبار والعنعنة والقول، ورواته كلهم بصريون، وأخرجه مسلم في الزكاة أيضًا.

٥ - باب إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ

(باب إنفاق المال في حقه).

<<  <  ج: ص:  >  >>