هذا (باب) بالتنوين (حجبت النار بالشهوات) فمن هتك الحجاب بارتكاب الشهوات المحرمة كالزنا وغيره مما منع الشرع منه كان ذلك سببًا لوقوعه في النار أعاذنا الله من ذلك ومن سائر المهالك بمنه وكرمه.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام ابن أنس بن مالك الأصبحي أبو عبد الله المدني (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة)﵁(أن رسول الله ﷺ قال):
(حجبت النار بالشهوات) المستلذة مما منع الشارع من تعاطيه بالأصالة كالخمر والزنا والملاهي وإما لكون فعله يستلزم ترك شيء من الواجبات ويلتحق بذلك الشبهات والإكثار مما أبيح خشية أن يوقع في المحرم، والمعنى لا توصل إلى النار إلا بتعاطي الشهوات إذ هي محجوبة بها فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب ومثل ذلك ابن العربي هذا المتعاطي للشهوات الأعمى عن التقوى الذي قد أخذت الشهوات بسمعه وبصره فهو يراها ولا يرى النار التي هي فيها لاستيلاء الجهالة والغفلة على قلبه بالطائر الذي يرى الحبة في داخل الفخ وهي محجوبة به، ولا يرى الفخ لغلبة شهوة الحبة على قلبه وتعلق باله بها (وحجبت الجنة بالمكاره) مما أمر المكلف به كمجاهدة نفسه في العبادات والصبر على مشاقها والمحافظة عليها وكظم الغيظ والعفو والإحسان إلى المسيء والصبر على المصيبة والتسليم لأمر الله فيها واجتناب المنهيات، وأطلق عليها مكاره لمشقتها على العامل وصعوبتها عليها، ولمسلم "حفت" بالحاء المهملة المضمومة والفاء المفتوحة المشدّدة في الموضعين من الحفاف وهو ما يحيط بالشيء حتى لا يتوصل إليه إلا بتخطيه فالجنة لا يتوصل إليها إلا بقطع مفاوز المكاره والنار لا ينجى منها إلا بترك الشهوات.
وهذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشقت عليها.
هذا (باب) بالتنوين (الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله) وهو السير الذي يدخل فيه إصبع الرجل ويطلق أيضًا على كل سير وقي به القدم من الأرض (والنار مثل ذلك).