بعض، وسقط قوله:"إن" لأبي ذر فالرحم رفع، وقوله من الرحمن أي اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة. وعند النسائي من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا "أنا الرحمن خلقت الرحم بيدي وشققت لها اسمًا من اسمي" والمعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها فالقاطع لها منقطع من رحمة الله وليس المعنى أنها من ذات الله تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا (فقال الله) تعالى: زاد الإسماعيلي لها والفاء عطف على محذوف أي فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال الله تعالى: "من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته". قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه وإنما خاطب الناس بما يفهمونه ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال وهو القرب منه وإسعافه بما يريد، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده. قال: وكذا القول في القطع وهو كناية عن حرمانه الإحسان.
وبه قال:(حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) مولى الصديق (قال: أخبرني) بالإفراد (معاوية بن أبي مزرد) عبد الرحمن السابق في هذا الباب (عن يزيد بن رومان) مولى الزبير المدني القاريّ (عن عروة) بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ) سقط قوله زوج النبي إلى آخره لأبي ذر (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(الرحم شجنة) بكسر الشين ولأبي ذر ضمها مصححًا عليهما في الفرع ولم يقل هنا من الرحمن لأن ذلك معلوم من الرواية السابقة (فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته) وفي ذلك تعظيم أمر الرحم وأن صلتها مندوب إليها وأن قطعها من الكبائر لورود الوعيد الشديد فيه.
١٤ - باب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلَالِهَا
(باب) بالتنوين (يبل) الشخص المكلف (الرحم) ولأبي ذر: قبل بضم الفوقية وفتح الموحدة الرحم (ببلالها) بكسر الموحدة الأولى وفتح الثانية وكسرها والبلال بمعنى البلل وهو النداوة وأطلق ذلك على الصلة كما أطلق اليبس على القطيعة.