والذي في الفرع وجميع ما وقفت عليه من الأصول المعتمدة بدون الهمزة وهو الذي رويناه وذكر هذه الجملة عقب ما قبلها يشعر بأن الأمر بقبول الحوالة معلل بكون مطل الغني ظلمًا.
قال ابن دقيق العيد: ولعل السبب فيه أنه إذا تقرر كونه ظلمًا والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سببًا للأمر بقبول الحوالة عليه لأن به يحصل المقصود من غير ضرر المطل، ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليّ لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحاكم قهرًا ويوفيه ففي قبول الحوالة عليه يحصل الغرض من غير مفسدة في الحق قال: والمعنى الأول أرجح لما فيه من بقاء معنى التعليل بكون المطل ظلمًا وعلى هذا المعنى الثاني تكون العلة عدم وفاء الحق لا الظلم انتهى.
والمعنى الأول هو الذي اقتصر عليه الرافعي، وقال ابن الرفعة في المطلب وهذا إذا كان الوصف بالغنى يعود إلى من عليه الدين، وقد قيل إنه يعود إلى من له الدّين وعلى هذا لا يحتاج أن يذكر في التقديرين الغني انتهى.
قال البرماوي: وقد يدعى أن في كلٍّ منهما بقاء للتعليل بكون المطل ظلمًا لأنه لا بدّ في كلٍّ منهما من حذف بذكره يحصل الارتباط فيقدر في الأول مطل الغني ظلم والمسلم في الظاهر يجتنبه فمن أتبع على مليّ فينبغي أن يتبعه وفي الثاني مطل الغني ظلم والظلم تزيله الحكام ولا تقره فمن اتبع على مليّ فليتبع ولا يخش من المطل ويشبه كما قال الأذرعي أنه يعتبر في استحباب قبولها على مليّ كونه وفيًّا وكون ماله طيبًا ليخرج المماطل ومن في ماله شبهة (فليتبع) بفتح التحتية وسكون الفوقية أي إذا أحيل بالدين الذي له على موسر فليحتل ندبًا وقوله ظلم يشعر بكونه كبيرة والجمهور على أن فاعله يفسق لكن هل يثبت فسقه بمرة واحدة أم لا.
قال النووي مقتضى مذهبنا التكرار ورده السبكي في شرح المنهاج بأن مقتضى مذهبنا عدمه واستدلّ بأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك إلا بعد أن يظهر عدم عذره انتهى.
ويدخل في المطل كل من لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد لعبده والحاكم لرعيته والعكس، واستدلّ به على اعتبار رضا المحيل والمحتال دون المحال عليه لكونه لم يذكر في الحديث وبه قال الجمهور كما مرّ.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الحوالة ومسلم في البيوع وكذا النسائي والترمذي وابن ماجة.
٢ - باب إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ
هذا (باب) بالتنوين (إذا أحال) من عليه دين رب الدين بدينه (على مليّ فليس له ردّ).