هذا (باب إسباغ الوضوء) أي إتمامه من قوله تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَه﴾ [لقمان: ٢٠] أي أتمها (وقال ابن عمر) بن الخطاب ﵁ مما وصله عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح (إسباغ الوضوء الإنقاء) وهو من تفسير الشيء بلازمه إذ الإتمام يستلزم الإنقاء عادة، وكان ابن عمر يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات كما رواه ابن المنذر بسند صحيح، وإنما بالغ فيهما دون غيرهما لكونهما محلاً للأوساخ غالبًا لاعتيادهم المشي حفاة، واستشكل بما تقدم من أن الزيادة على الثلاث ظلم وتعدّ، وأجيب: بأنه فيمن لم يرَ الثلاث سنة أما إذا رآها وزاد على أنه من باب الوضوء على الوضوء يكون نورًا على نور. وقال في المصابيح: والمعروف في اللغة أن إسباغ الوضوء إتمامه وإكماله والمبالغة فيه.
وبالسند إلى البخاري رحمه الله تعالى قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش المدني، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ذي المغازي التي هي أصح المغازي (عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد) أي ابن حارثة الكلبي المدني الحب ابن الحب وأمه أم أيمن المتوفى بوادي القرى سنة أربع وخمسين له في البخاري سبعة عشر حديثًا (أنّه سمعه يقول):
(دفع) أي رجر (رسول الله ﷺ من) وقوف (عرفة) بعرفات الأوّل غير منوّن وهو اسم للزمان وهو التاسع من ذي الحجة، والثاني الوضع الذي يقف به الحاجّ وحينئذ فيكون المضاف فيه محذوفًا (حتى إذا كان)﵇(بالشعب) بكسر الشين المعجمة وسكون العين المهملة الطريق المعهودة للحاج (نزل)ﷺ(فبالَ ثم توضأ) بماء زمزم كما في زوائد المسند بإسناد حسن (ولم يسبغ الوضوء) أي خفّفه لإعجاله الدفع إلى المزدلفة، وفي مسلم فتوضأ وضوءًا خفيفًا، وقيل: معناه توضأ مرة مرة لكن بالإسباغ أو خفّف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عاداته، واستبعد القول بأن المراد به الوضوء اللغوي وأبعد منه القول بأن المراد به الاستنجاء، ومما يقوّي استبعاده قوله في الرواية الآتية إن شاء