المخضرم عاش مائة وعشرين سنة (عن زيد بن أرقم)﵁ أنه (قال: كنا نتكلم في الصلاة) زاد في باب ما ينهى من الكلام في الصلاة في أواخر كتاب الصلاة من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل بن أبي خالد على عهد النبي ﷺ(يكلم أحدنا أخاه) وفي طريق عيسى بن يونس صاحبه بدل أخاه (في حاجته حتى) أي إلى أن (نزلت هده الآية ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين﴾ فأمرنا بالسكوت) عن الكلام الذي لا يتعلق بالصلاة وليس في الصلاة حالة سكوت.
وقد أشكل هذا الحديث من جهة أنه ثبت أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة قبل الهجرة إلى أرض الحبشة لحديث ابن مسعود: كنا نسلم على النبي ﷺ قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة فيردّ علينا، فلما قدمنا سلمت عليه فلم يردّ في الحديث. وهذه الآية مدنية باتفاق فقيل: وإنما أراد زيد بن أرقم الإخبار عن جنس كلام الناس، واستدلّ على تحريم ذلك بهذه الآية بحسب ما فهمه منها، وقيل أراد أن ذلك وقع بالمدينة بعد الهجرة إليها ويكون ذلك قد أبيح مرتين وحرم مرتين. قال ابن كثير: والأوّل أظهر.
(﴿فإن خفتم﴾) ولأبي ذر باب قوله ﷿: (﴿فإن خفتم﴾) أي من عدوّ أو غيره (﴿فرجالًا أو ركبانًا﴾)، نصب على الحال والعامل محذوف تقديره فصلوا رجالًا ورجالًا جمع راجل كقائم وقيام وأو للتقسيم أو الإباحة أو التخيير (﴿فإذا أمِنتم﴾) من العدوّ وزال خوفكم (﴿فاذكروا الله﴾) أي أقيموا صلاتكم كما أمرتكم تامة الركوع والسجود والقيام والقعود (﴿كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾)[البقرة: ٢٣٩] الكاف في كما في موضع نصب نعتًا لمصدر محذوف أو حالًا من ضمير المصدر المحذوف، وما مصدرية أو بمعنى الذي وما لم تكونوا تعلمون مفعول علمكم، والمعنى فصلّوا الصلاة كالصلاة التي علمكم وعبّر الذكر عن الصلاة والتشبيه بين هيئتي الصلاتين الواقعة قبل الخوف وبعده في حالة الأمن، وفي رواية أبي ذر بعد قوله: ﴿فإذا أمنتم﴾ الآية وحذف ما بعد ذلك.