للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلّ بالحديث على أن من لم يستطع الجماع فالمطلوب منه ترك التزويج لأنه أرشده إلى ما ينافيه ويضعف دواعيه، والأمر في قوله فليتزوج وفي قوله فانكحوا وإن كان ظاهرهما الوجوب إلا أن المراد بهما الإباحة.

قال في الأم بعد أن قال: قال الله تعالى: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾ إلى قوله: ﴿يغنهم الله من فضله﴾ [النور: ٣٢] الأمر في الكتاب والسُّنّة يحتمل معاني. أحدها: أن يكون الله حرم شيئًا ثم أباحه فكان أمره إحلال ما حرم. كقوله تعالى: ﴿وإذا حللتم فاصطادوا﴾ [المائدة: ٢] وكقوله: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض﴾ [الجمعة: ١٠] الآية. وذلك أنه حرم الصيد على المحرم ونهى عن البيع عند النداء ثم أباحهما في وقت غير الذي حرمهما فيه كقوله تعالى: ﴿وآتوا النساء صدقاتهن نحلة﴾ إلى ﴿مريئًا﴾ [النساء: ٤]. وقوله: ﴿فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا﴾ [الحج: ٣٦] قال: وأشباه ذلك كثير في كتاب الله وسُنّة رسوله ليس حتمًا أن يصطادوا وإذا حلّوا لا ينتشروا لطلب التجارة إذا صلوا ولا يأكل من صداق امرأته إذا طابت به عنه نفسًا ولا يأكل من بدنته إذا نحرها. قال: ويحتمل أن يكون دلّهم على ما فيه رشدهم بالنكاح كقوله: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ [النور: ٣٢] يدل على ما فيه سبب الغنى والنكاح. كقوله : "سافروا تصحّوا" انتهى.

وقد قسم بعضهم النكاح إلى الأحكام الخمسة: الوجوب، والندب، والتحريم، والإباحة، والكراهة. فالوجوب: فيما إذا خاف العنت وقدر على النكاح إلا أنه لا يتعين واجبًا بل إما هو وإما التسرّي فإن تعذر التسرّي تعيّن النكاح حينئذٍ للوجوب لا لأصل الشريعة والندب لتائق يجد أهبته. والكراهة لعنين وممسوح وزمن ولو كانوا واجدين مؤنه وعاجز عن مؤنه غير تائق له لانتفاء حاجتهم إليه مع التزام العاجز ما لا يقدر عليه وخطر القيام به فيمن عداه والتحريم إما أن يكون لعينه كالسبع المذكورات في قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم﴾ [النساء: ٢٣] أو غير ذلك مما هو مذكور في محله.

٣ - باب مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ

(باب من لم يستطع الباءة فليصم).

٥٠٦٦ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهُ : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) قال: (حدّثنا أبي) قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثني) بالإفراد (عمارة) بضم العين وتخفيف الميم ابن عمير التيمي

<<  <  ج: ص:  >  >>