(أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (أخبرنا ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة)﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(ليس منا) أي ليس من أهل سُنّتنا (من لم يتغن بالقرآن) أي يحسن صوته به كما قاله الشافعي وأكثر العلماء. وقال سفيان بن عيينة يستغني به عن الناس (وزاد غيره) غير أبي هريرة وفي فضل القرآن وقال صاحب له معنى يتغنى بالقرآن (يجهر به). فهي جملة مبينة لقوله يتغن بالقرآن، فلن يكون المبين على خلاف البيان، فكيف يحمل على غير تحسين الصوت. والصاحب المذكور هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب كما سبق في فضل القرآن.
وقال في الفتح: وسيأتي قريبًا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بلفظ ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به فيستفاد منه أن الغير المبهم في حديث الباب وهو الصاحب المبهم في رواية عقيل هو محمد بن إبراهيم التيمي والحديث واحد إلا أن بعضهم رواه بلفظ: ما أذن، وبعضهم بلفظ: ليس منا.
قال ابن بطال: مراد البخاري بهذا الباب إثبات العلم لله تعالى صفة ذاتية لاستواء علمه بالجهر من القول والسر وتعقبه ابن المنير فقال ما أظن أنه قصد بالترجمة إثبات العلم وليس كما ظن وإلا لتقاطعت المقاصد مما اشتملت عليه الترجمة لا سيما بين العلم وبين حديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن، وإنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته بمسألة اللفظ فأشار بالترجمة إلى أن تلاوات الخلق تتّصف بالسر والجهر ويستلزم أن تكون مخلوقة وأنها تسمى تغنيًا وهذا هو الحق اعتقادًا لا إطلاقًا حذرًا من الإيهام وفرارًا من الابتداع لمخالفة السلف في الإطلاق وقد ثبت عن البخاري أنه قال من نقل عني أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب، وإنما قلت إن أفعال العبادة مخلوقة.
(باب قول النبي ﷺ) في حديث الباب (رجل آتاه الله)﷿(القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار) ولأبي ذر عن الكشميهني آناء الليل وآناء النهار (ورجل يقول لو أُوتيت مثل ما أُوتي هذا فعلت كما يفعل) وقال البخاري (فبين الله أن قيامه) أي قيام الرجل (بالكتاب هو فعله) حيث