الرعية وبفساده تفسد، وأشرف ما في الإنسان قلبه فإنه العالم بالله تعالى والجوارح خدم له. وفي هذا الحديث الحثّ على إصلاح القلب وأن لطيب الكسب أثرًا فيه، والمراد به المعنى المتعلق به من الفهم والمعرفة وسمي قلبًا لسرعة تقلبه بالخواطر ومنه قوله:
ما سمي القلب إلا من تقلبه … فاحذر على القلب من قلب وتحويل
وهو محل العقل عندنا خلافًا للحنفية، ويكفي في الدلالة لنا قول الله تعالى: ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ﴾ [الحج: ٤٦] وهو قول الجمهور من المتكلمين، وقال أبو حنيفة في الدماغ، وحكي الأوّل عن الفلاسفة والثاني عن الأطباء حتجاجًا بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل، وردّ بأنّ الدماغ آلة عندهم وفساد الآلة لا يقتضي فساده، وثبتت الواو بعد ألا من قوله: ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن في الجسد مضغة وسقط من ألا أن حمى الله لبعد المناسبة بين حمى الملوك وبين حمى الله تعالى الذي هو الملك الحق لا ملك حقيقة إلا له، وثبت في رواية غير أبي ذر نظرًا إلى وجوب التناسب بين الجملتين من حيث ذكر الحمى فيهما، وعبَّر بقوله إذا دون إن لتحقق الوقوع وقد تأتي بمعنى إن كما هنا، وقد أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث وأنه أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام المنظومة في قوله:
عمدة الدين عندنا كلمات … مسندات من قول خير البرية
اتق الشبه وازهدنّ ودع ما … ليس يعنيك واعملنّ بنيه
وهذا الحديث من الرباعيات ورجاله كلهم كوفيون، وفيه التحديث والعنعنة والسماع وأخرجه المؤلف أيضًا في البيوع، وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي فيه وابن ماجة في الفتن.
٤٠ - باب أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ
هذا (باب) بالتنوين (أداء الخمس) بضم المعجمة والميم (من الإيمان) أي من شعبه مبتدأ وخبر ويجوز إضافة باب لتاليه.