فمعناها متقارب يرجع إلى معنى واحد، وهو أن التقدير كان يقول ذلك إذا أراد الدخول في الخلاء، ولم يذكر المؤلف ما يقول بعد الخروج منه لأنه ليس على شرطه.
وفي ذلك حديث عائشة ﵂ عند ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما كان رسول الله ﷺ إذا خرج من الغائط قال:(غفرانك) وحديث أنس عند ابن ماجة إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" وحديث ابن عباس عند الدارقطني مرفوعًا: "الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني وأمسك عليَّ ما ينفعني" ولابن عساكر بعد قوله: إذا أراد أن يدخل قال أبو عبد الله يعني البخاري، ويقال الخبث يعني بسكون الموحدة.
١٠ - باب وَضْعِ الْمَاءِ عِنْدَ الْخَلَاءِ
هذا (باب وضع الماء عند الخلاء) ليستعمله المتوضئ بعد خروجه.
وبالسند إلى المؤلف قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي الجعفي (قال: حدّثنا هاشم بن القاسم) أبو النضر بالضاد المعجمة التيمي الليثي الكناني الخراساني اللقب بقيصر الكوفي، المتوفى سنة سبع ومائتين (قال: حدّثنا ورقاء) بإسكان الراء مع المدّ ابن عمر اليشكري الكوفي المتوفى سنة تسع وستين ومائة (عن عبيد الله) بالتصغير (ابن أبي يزيد) من الزيادة المكي، المتوفى سنة ست وعشرين ومائة (عن ابن عباس)﵄.
(أن النبي ﷺ دخل الخلاء فوضعت له وضوءًا) بفتح الواو أي ماء يتوضأ به، وقيل ناوله إياه
ليستنجي به. قال في الفتح: وفيه نظر. (قال) أي النبي ﷺ بعد أن خرج من الخلاء، وفي رواية ابن عساكر فقال:(من) استفهامية مبتدأ خبره (وضع هذا) الوضوء (فأخبر) على صيغة المجهول عطف على السابق وقد جوّزوا عطف الفعلية على الاسمية، والعكس أي أخبر النبي ﷺ أنّه ابن عباس والمخبر خالته ميمونة بنت الحرث لأن ذلك كان في بيتها (فقال)﵊: (اللّهمّ فقّهه في الدين) إنما دعا له لما تفرس فيه من الذكاء مع صغر سنّه بوضعه الوضوء عند الخلاء لأنه أيسر له على الصلاة والسلام، إذ لو وضعه في لمكان بعيد منه لاقتضى مشقة ما في طلبه الماء ولو دخل به إليه لكان تعريضًا للاطّلاع عليه وهو يقتضي حاجته، ولما كان وضع الماء فيه إعانة على الدين ناسب أن يدعو له بالتفقّه فيه ليطلع به على أسرار الفقه في الدين ليحصل النفع به وكذا كان.