هذا (باب) بالتنوين (لا صدقة) كاملة (إلا عن ظهر غنى) أي غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه قاله البغوي والتنكير فيه للتفخيم.
ولفظ الترجمة حديث رواه أحمد من طريق عطاء عن أبي هريرة. وذكره المصنف تعليقًا فى الوصايا (ومن تصدق وهو محتاج) جملة اسمية حالية كالجملتين بعد وهما قوله (أو أهله محتاج أو عليه دين) مستغرق (فالدين) جواب الشرط وفي الكلام حذف أي فهو أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة (وهو) أي الشي المتصدق به (رد عليه)، غير مقبول لأن قضاء الدين واجب كنفقَة عياله والصدقة تطوع، ومقتضاه أن الدين المستغرق مانع من صحة التبرع، لكن محله إذا حجر عليه الحاكم بالفلس. وقد نقل فيه صاحب المغني وغيره الإجماع فيحمل إطلاق المؤلّف عليه (ليس له أن يتلف أموال الناس) في الصدقة. (قال) ولأبي ذر: وقال (النبي ﷺ) في حديث وصله المؤلّف فى الاستقراض:
(من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله) فمن أخذ دينًا وتصدق به ولا يجد ما يقضي به الدين فقد دخل في هذا الوعيد. قال المؤلّف مستثنيًا من الترجمة أو ممن تصدق (إلا أن يكون معروفًا بالصبر) فيتصدق مع عدم الغنى أو مع الحاجة (فيؤثر) بالمثلثة يقدم غيره (على نفسه) بما معه (ولو كان به خصاصة) حاجة (كفعل أبي بكر) الصديق (حين تصدق بماله). كله فيما رواه أبو داود وغيره، (وكذلك آثر الأنصار المهاجرين) حين قدموا عليهم المدينة وليس بأيديهم شيء حتى إن من كان عند امرأتان نزل عن واحدة وزوجها من أحدهم، وهذا التعليق طرف من حديث وصله المؤلّف في كتاب الهبة.
(ونهى النبي ﷺ) في حديث المغيرة السابق بتمامه موصولاً في أواخر صفة الصلاة (عن إضاعة ْالمال) استدلّ به المؤلّف على رد صدقة المديان وإذا نهي الإنسان عن إضاعة مال نفسه فإضاعة مال غيره أولى بالنهي، ولا يقال: إن الصدقة ليست إضاعة لأنها إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها