(ومحمد بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العبدي الكوفي فيما وصله الإمام أحمد عنه بتمام الحديث (وعبدة) بن سليمان فيما وصله مسلم وابن ماجة الثلاثة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة)﵂(يزيد بعضهم) في روايته (على بعض) فأما لفظ رواية ابن مردويه فهو: قالت التي وهبت نفسها للنبي ﷺ خولة بنت حكيم وأما رواية الإمام أحمد عنها فهو كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن فلما نزلت: ﴿ترجي من تشاء منهن﴾ قالت: إني لأرى ربك يسارع لك في هواك، وأما رواية مسلم فلفظها أنها كانت تقول: أما تستحي المرأة تهب نفسها لرجل حتى أنزل الله ﴿ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء﴾ [الأحزاب: ٥١] فقلت: إن ربك يسارع لك في هواك وإنما قالت عائشة: ذلك لما عندها من الغيرة التي طبعت عليها النساء، وإلاّ فقد علمت أن الله تعالى قد أباح لنبيه ﷺ وأن جميع النساء لو ملكه الله رقعهن لكان قليلًا فيغتفر في الغيرة ما لا يغتفر في غيرها من الحالات والله أعلم.
٣٠ - باب نِكَاحِ الْمُحْرِمِ
(باب نكاح المحرم) بالحج أو العمرة أو بهما هل يجوز أم لا؟ والذي ذهب إليه الشافعية الثاني سواء كان الإحرام صحيحًا أو فاسدًا لحديث مسلم عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه مرفوعًا: المحرم لا ينكح ولا ينكح فيبطل النكاح بحرام أحد الزوجين أو العاقدين من ولي ولو حاكمًا، وتنتقل الولاية للحاكم لا للأبعد إذ الإحرام لا يسلب الولاية لبقاء الرشد والنظر، وإنما يمنع النكاح كما يمنعه إحرام الزوج والزوجة، ولو أحرم الولي أو الزوج فعقد وكيله الحلال لم يصح لأن الوكيل سفير محض، فكان كالعاقد الموكل ولو أحرم السلطان أو القاضي فلخلفائه أن يزوجوه لأن تصرفهم بالولاية لا بالوكالة كما جزم به الخفاف وصححه الروياني، وقيل هذا في السلطان لا في القاضي لأن خلفاءه لا ينعزلون بموته وانعزاله بخلاف خلفاء القاضي ويصح بشهادة المحرم لأنه ليس بعاقد ولا معقود ولو راجع امرأته وهو محرم صح لأنها استدامة كالإمساك في دوام النكاح لا ابتداء عقد، وفي انعقاد النكاح ابتداء من المحرم بين التحللين قولان صحّح الرافعي الصحة لأنه من المحرمات التي لا توجب تعاطيها إفسادًا فأشبهت الحلق وصحح النووي البطلان لأنه محرم. وقال الحنفية: يجوز تزويج المحرم والمحرمة حالة الإحرام دون الوطء ولو كان المزوّج لها محرمًا قالوا: وهو قول ابن مسعود وابن عباس وأنس بن مالك وجمهور التابعين إذ هو عقد معاوضة والمحرم غير ممنوع منه كشراء الجارية للتسري، ولو جعل عقد النكاح بمنزلة ما هو المقصود به وهو الوطء لكان تأثيره في إيجاب الجزاء أو فساد الإحرام لا في بطلان النكاح، وحديث عثمان ضعيف قاله البخاري، لأن في إسناده بيّنة ابن وهب ولا يلزم حجة. ولئن صح فهو محمول على الوطء لأنه الحقيقة أي لا يطأ المحرم واستدلوا لذلك بحديث الباب وهو ما رويناه بالسند إلى البخاري قال.