الأخلاق، وقد كان القرآن له ﷺ خلقًا بحيث يرضى لرضاه ويسخط لسخطه ويسارع إلى ما حث عليه ويمتنع مما زجر عنه، فلهذا كان يتضاعف جوده وإفضاله في هذا الشهر لقرب عهده بمخالطة جبريل وكثرة مدارسته له هذا الكتاب الكريم ولا شك أن المخالطة تؤثر وتورث أخلاقًا من المخالط، لكن إضافة آثار ذلك إلى القرآن كما قال ابن المنير آكد من إضافتها إلى جبريل ﵊ بل جبريل إنما تميز بنزوله بالوحي فالإضافة إلى الحق أولى من الإضافة إلى الخلق لا سيما والنبي ﷺ على المذهب الحق أفضل من جبريل فما جالس الأفضل إلا المفضول فلا يقاس على مجالسة الآحاد للعلماء.
وفي هذا الحديث تعظيم شهر رمضان لاختصاصه بابتداء نزول القرآن ثم معارضة ما نزل منه فيه وأن ليله أفضل من نهاره وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض، وأن فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة وأن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير واستحباب تكثير العبادة في أواخر العمر.
(باب من لم يدع قول الزور) أي من لم يترك الكذب والميل عن الحق (والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الله عنه (في الصوم) كذا في الفرع زيادة في الصوم، ونسبها الحافظ ابن حجر لنسخة الصغاني.
وبالسند قال (حدّثنا آدم بن أبي إياس) العسقلاني الخراساني الأصل قال (حدّثنا ابن أبى ذئب) محمد بن عبد الرحمن قال: (حدّثنا سعيد المقبري عن أبيه) كيسان الليثي (عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله) ولأبي ذر وابن عساكر: قال النبي (ﷺ):
(من لم يدع) من لم يترك (قول الزور والعمل به) زاد المؤلّف في الأدب عن أحمد بن يونس عن أبي ذئب والجهل، وفي رواية ابن وهب والجهل في الصوم، ولابن ماجة من طريق ابن المبارك: من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به. فالضمير في به يعود على الجهل لكونه أقرب مذكور أو على الزور فقط وإن بعد لاتفاق الروايات عليه أو عليهما وإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم قاله العراقي، وفي الأولى يعود على الزور فقط والمعنى متقارب، وفي الأوسط للطبراني بسند رجاله ثقات: من لم يدع الخنا والكذب، والجمهور على أن الكذب والغيبة والنميمة لا تفسد الصوم، وعن