تبين لكل ذي حاسة سليمة كذبه فيما يدعيه وإن الإيمان به حق وهو مذهب أهل السُّنَّة خلافًا لمن أنكر ذلك من الخوارج وبعض المعتزلة ووافقنا على إثباته بعض الجهمية وغيرهم، لكن زعموا أن ما عنده مخاريق وحيل لأنها لو كانت أمورًا صحيحة لكان ذلك إلباسًا للكاذب بالصادق، وحينئذٍ لا يكون فرق بين النبي والمتنبي، وهذا هذيان لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه فإن هذا إنما كان يلزم لو أن الدجال يدّعي النبوّة وليس كذلك فإنه إنما يدّعي الإلهية، ولهذا قال ﵊:"إن الله ليس بأعور" تنبيهًا للعقول على حدوثه ونقصه، وأما الفرق بين النبي والمتنبي فلأنه يلزم منه انقلاب دليل الصدق دليل الكذب وهو محال، وقوله إن الذي يأتي به الدجال حيل ومخاريق فقول معزول عن الحقائق لأن ما أخبر به النبي ﷺ من تلك الأمور حقائق والعقل لا يحيل شيئًا منها فوجب إبقاؤها على حقائقها اهـ. ملخصًا من التذكرة.
٢٧ - باب لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا يدخل الدجال المدينة) النبوية.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري ﵁(قال: حدّثنا رسول الله) ولأبي ذر النبي (ﷺ يومًا حديثًا طويلاً عن الدجال فكان فيما يحدّثنا به أنه قال):
(يأتي الدجال) إلى ظاهر المدينة (وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر النون جمع نقب بفتحها وسكون القاف مثل حبل وحبال وكلب وكلاب طريق بين الجبلين أو بقعة بعينها (فينزل) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ينزل (بعض السباخ) بكسر السين المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف خاء معجمة جمع سبخة أرض لا تنبت شيئًا لملوحتها خارج المدينة من غير جهة الحرة وهي (التي تلي المدينة) من قبل الشام (فيخرج إليه) من المدينة (يومئذٍ رجل هو خير الناس أو من خير الناس) قيل هو الخضر (فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول الله ﷺ حديثه) وفي