أبواه، وعن الكلبي يسرق المتاع بالليل فإذا أصبح لجأ إلى أبويه فيقولان لقد بات عندنا، (فأخذ الخضر برأسه من أعلاه) أي جرّ الغلام برأسه (فاقتلع رأسه بيده) وعنده في بدء الخلق فأخذ الخضر برأسه فقطعه هكذا وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئًا. وعن الكلبي صرعه ثم نزع رأسه من جسده فقتله، والفاء في اقتلع للدلالة على أنه لما رآه اقتلع رأسه من غير تروٍّ واستكشاف حال (فقال موسى) للخضر ﵇: (أقتلت نفسًا زكية) بتشديد الياء أي طاهرة من الذنوب وهي أبلغ من زاكية بالتخفيف. وقال أبو عمرو بن العلاء: الزاكية التي لم تذنب قطّ. والزكية التي أذنبت ثم غفرت، ولذا اختار قراءة التخفيف فإنها كانت صغيرة لم تبلغ الحلم، وزعم قوم أنه كان بالغًا يعمل بالفساد واحتجوا بقوله:(بغير نفس) والقصاص إنما يكون في حق البالغ ولم يرها قد أذنبت ذنبًا يقتضي قتلها أو قتلت نفسًا فتقاد به نبّه به على أن القتل إنما يباح حدًّا أو قصاصًا، وكلا الأمرين منتفٍ. والهمزة في أقتلت ليست للاستفهام الحقيقي فهي كهي في قوله تعالى: ﴿ألم يجدك يتيمًا فآوى﴾ وكان قتل الغلام في أبلة بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام المفتوحة بعدها هاء مدينة قرب بصرة وعبادان (قال) الخضر لموسى ﵉: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا) بزيادة لك في هذه المرة زيادة في المكافحة بالعتاب على رفض الوصية والوسم بقلة الثبات والصبر لما تكرر منه الاشمئزاز والاستنكار ولم يرعو بالتذكير أوّل مرة حتى زاد في الاستكثار ثاني مرة (قال ابن عيينة) سفيان (وهذا أوكد) واستدل عليه بزيادة لك في هذه المرة (فانطلقا حتى أتيا) وفي رواية غير أبي ذر حتى إذا أتيا موافقة للتنزيل (أهل قرية) هي أنطاكية أو أبلة أو ناصرة أو برقة أو غيرهن فلما وافياها بعد غروب الشمس (استطعما أهلها) واستضافوهم (فأبوا أن يضيفوهما) ولم يجدوا في تلك القرية قرى ولا مأوى وكانت ليلة باردة (فوجدا فيها) أي في القرية (جدارًا) على شاطئ الطريق وكان سمكه مائتي ذراع بذراع تلك القرية وطوله على وجه الأرض خمسمائة ذراع وعرضه خمسون ذراعًا (يريد أن ينقض) أي يسقط فاستعيرت الإرادة للمشارفة وإلا فالجدار لا إرادة له حقيقة. وكان أهل القرية يمرون تحته على خوف (قال الخضر بيده) أي أشار بها وفي رواية قال فمسح بيده (فأقامه) وقيل نقضه وبناه وقيل بعمود عمده به، وفيه إطلاق القول على الفعل. وفي رواية أبي ذر والمستملي يريد أن ينقض فأقامه (قال موسى) وفي رواية غير أبي ذر فقال له موسى أي للخضر (لو شئث لاتخذت) بهمزة وصل وتشديد التاء وفتح الخاء على وزن افتعلت من تخذ كاتبع من تبع وليس من الأخذ عند البصريين، وفي رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر لتخذت أي لأخذت (عليه أجرًا) فيكون لنا قوتًا وبلغة على سفرنا، قال القاضي: كأنه لما رأى الحرمان ومساس الحاجة واشتغاله بما لا يعنيه لم يتمالك نفسه. (قال) الخضر لموسى ﵇: (هذا فراق بيني وبينك) بإضافة الفراق إلى البين إضافة المصدر إلى الظرف على الاتّساع والإشارة في قوله هذا إلى الفراق الموعود بقوله: فلا تصاحبني أو تكون الإشارة إلى السؤال الثالث أي هذا الاعتراض سبب للفراق أو إلى الوقت أي هذا الوقت وقت الفراق. (قال النبي ﷺ: يرحم الله موسى) إنشاء بلفظ الخبر (لوددنا) بكسر الدال الأول وسكون الثانية أي والله لوددنا (لو صبر) أي صبره لأنه لو صبر لأبصر أعجب الأعاجيب (حتى