(باب قوله) تعالى (﴿فلما رأوه﴾) أي العذاب (﴿عارضًا﴾) سحابًا عرض في أفق السماء والضمير عائد إلى السحاب كأنه قيل فلما رأوا السحاب عارضًا (﴿مستقبل أوديتهم﴾) صفة لعارضًا وإضافته غير محضة فمن ثم ساغ أن يكون نعتًا لنكرة (﴿قالوا هذا عارض ممطرنا﴾) صفة لعارض أيضًا أي يأتينا بالمطر وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر قال الله تعالى أو هود ﵇(﴿بل هو ما استعجلتم به﴾) من العذاب حيث قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ثم بيّن ماهيته فقال (﴿ريح﴾) أي هي ريح (﴿فيها عذاب أليم﴾)[الأحقاف: ٢٤] فما برحوا حتى كانت الريح تجيء بالرجل فتطرحه وكان طول الرجل منهم اثنتي عشرة ذراعًا وقيل ستون ذراعًا وقيل مائة ولهم قصور محكمة بالبناء بالصخور فحملت الريح الصخور والشجر ورفعتها كأنها جرادة وهدمت القصور واصطف لها الأطولون الأشداء منهم فصرعتهم وألقت عليهم الصخور وسفت عليهم الرمال فكانوا تحتها سبع ليالٍ وثمانية أيام لهم أنين، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال واحتملتهم فرمت بهم في البحر ولم يصل إلى هود ﵇ ومَن آمن به من تلك الريح إلا نسيم، وكان ﵇ قد جمع المؤمنين إلى شجرة عند عين ماء وأدار عليهم خطأ خطه في الأرض وسقط لغير أبي ذر باب قوله وله قالوا هذا عارض الخ وقال بعد قوله أوديتهم الآية.
(قال) ولأبي ذر وقال (ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله (عارض) أي (السحاب) الذي يرى في ناحية السماء وسمي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
وبه قال:(حدّثنا أحمد بن عيسى) كذا في رواية أبي ذر ابن عيسى وهو الهمداني التستري المصري الأصل، وسقط ابن عيسى لغير أبي ذر وقال الكرماني: إنه أحمد بن صالح المصري يعني ابن الطبري، ولعله اعتمد على قول أبي علي بن السكن حيث قال: هو أحمد بن صالح في المواضع كلها وكذا قاله ابن منده، وقيل هو أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب قال الحاكم أبو عبد الله هو أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى لا يخلو أن يكون واحدًا منهما ولم يحدث عن ابن أخي ابن وهب شيئًا ومن زعم أنه ابن أخي ابن وهب فقد وهم فاتفق الرواة على أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى وقد عين أبو ذر في روايته أنه ابن عيسى قال:(حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرنا عمرو) هو ابن الحارث (أن أبا النضر) سالمًا المدني (حدّثه عن سليمان بن يسار) ضد