(عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فقيه المدينة صاحب الرأي (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ) أنها (قالت: كان في بريرة) بفتح الموحدة وكسر الراء بعدها تحتية ساكنة فراء أخرى بوزن فعيلة من البرير وهو ثمر الأراك قيل اسم أبيها صفوان وإن له صحبة، وقيل إنها كانت نبطية، وقيل: قبطية (ثلاث سنن) بضم السين وفتح النون الأولى، قال في الكواكب: أي علم بسببها ثلاثة أحكام من الشريعة.
(إحدى السُّنن) الثلاث (أنها أعتقت) بضم الهمزة وكسر التاء الفوقية وسقط لابن عساكر الهمزة من أعتقت (فخيرت) بضم الخاء (في) فسخ نكاح (زوجها) مغيث أو تدوم عنده في عصمته وفي رواية الدارقطني من طريق أبان بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ قال لبريرة: "اذهبي فقد عتق معك بضعك" وزاد ابن سعد من طريق الشعبي مرسلًا: فاختاري.
وهذا موضع الترجمة لأنها لو طلقت بمجرد البيع لم يكن للتخيير فائدة وهذا قول الجمهور، وقال ابن مسعود وابن عباس وأُبي بن كعب فيما أخرجه ابن أبي شيبة بأسانيد فيها انقطاع يكون بيعها طلاقًا، وكذا قال سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد فيما روي بأسانيد صحيحة، وأخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عباس واحتجوا لذلك بظاهر قوله تعالى: ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم﴾ [النساء: ٢٤] واحتج بحديث الباب ومن حيث النظر أنه عقد على منفعة فلا يبطله بيع الرقبة كما في العين المؤجرة والآية نزلت في المسبيات فهي المراد بملك اليمين على ما ثبت في الصحيح من سبب نزولها.
(و) الثانية من السنن (قال) فيها (رسول الله ﷺ) لما أرادت عائشة أن تثشريها، فقال أهلها: ويكون ولاؤها لنا: (الولاء لمن أعتق) وفي رواية إنما الولاء لمن أعتق بصيغة الحصر.
(و) الثالثة من السنن (دخل رسول الله ﷺ) حجرة عائشة ﵂(والبرمة تفور) بالفاء (بلحم فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت) بضم القاف مبنيًّا للمفعول وخبز مفعول ناب عن الفاعل وأدم بضم الهمزة وسكون المهملة عطف عليه (فقال) رسول الله ﷺ: (ألم أرَ البرمة) ولابن عساكر برمة (فيها لحم؟ قالوا: بلى ولكن ذاك لحم تصدّق به على بريرة) بضم التاء الفوقية والصاد (وأنت لا تأكل الصدقة قال)ﷺ: (هو عليها صدقة ولنا هدية) أي حيث أهدته بريرة لنا لأن الصدقة يسوغ للفقير التصرف فيها بالبيع وغيره كتصرف سائر الملاك في أملاكهم ومفهومه أن التحريم إنما هو على الصفة لا على العين.
١٥ - باب خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ
(باب خيار الأمة) إذا عتقت وهي (تحت العبد) أو المبعض قبل الدخول أو بعده ومفهومه أن الأمة إذا كانت تحت حر فعتقت لم يكن لها خيار.