عنه، لكن رده الحافظ ابن حجر بأن إسحاق بن راهويه روى الحديث في مسنده كذلك وزاد في آخره فأقرّ به أبو أسامة وقال: نعم وحينئذ فلا حجة فيه لما ذكره لأنه تبين من هذه الطريق الأخرى أنه لم يسكت، وتعقبه العيني بأنه لا يستلزم من قوله: نعم في إحداهما عدم سكوته في الأخرى كذا قاله فليتأمل.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي قال (حدّثنا الليث) بن سعد (عن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ابن عبد الله بن الأشجّ (عن سليمان بن يسار) بفتح المثناة التحتية والمهملة المخففة الهلالي المدني مولى ميمونة أو أم سلمة (عن أبي هريرة ﵁) كذا أخرجه النسائي كالمؤلّف هنا وخالد محمد بن إسحاق فرواه في السير عن يزيد بن أبي حبيب عنه بكير فأدخل بين سليمان وأبي هريرة أبا إسحاق الدوسي، وسليمان قد صحّ سماعه من أبي هريرة وهو غير مدلس فتكون رواية ابن إسحاق من المزيد في متصل الأسانيد (أنه) أي أبا هريرة (قال: بعثنا رسول الله ﷺ في بعث) أميره حمزة بن عمرو الأسلمي كما عند أبي داود بإسناد صحيح (فقال):
(إن وجدتم فلانًا وفلانًا) هبار بن الأسود ونافع بن عبد عمرو أو غيرهما كما مرّ (فأحرقوهما بالنار) بهمزة قطع (ثم قال رسول الله ﷺ حين أردنا الخروج): للسفر وودّعناه (إني أمرتكم أن تحرقوا) بالتشديد والذي في اليونينية بالتخفيف (فلانًا وفلانًا وإن النار لا يعذب بها إلا الله)﷿ خبر بمعنى النهي وهو نسخ لأمره السابق، وفي رواية ابن لهيعة: وإنه لا ينبغي ولابن إسحاق ثم رأيت أنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا الله. قال البيضاوي: إنما منع التعذيب بالنار لأنه أشد العذاب ولذلك أوعدها الكفار، وقال الطيبي: لعل المنع من التعذيب بها في الدنيا أن الله تعالى جعل النار فيها منافع وارتفاقهم، فلا يصح منهم أن يستعملوها في الإضرار، ولكن له تعالى أن يستعملها فيه لأنه ربها ومالكها يفعل ما يشاء من التعذيب بها والمنع منه، وإليه أشار بقوله في الحديث الآخر ربّ النار وقد جمع الله تعالى الاستعمالين في قوله تعالى: ﴿نحن جعلناها تذكرة ومتاعًا للمقوين﴾ [الواقعة: ٧٣]. أي تذكيرًا بنار جهنم لتكون حاضرة للناس يذكرون ما أوعدوا به وجعلنا بها أسباب المعاش كلها انتهى.