وتسعين (عن أبيه) وفي رواية عن أبي قتادة بدل قوله عن أبيه واسم أبي قتادة الحرث أو النعمان أو عمرو بن ربعي الأنصاري فارس رسول الله ﷺ شهد أُحُدًا وما بعدها، واختلف في شهوده بدرًا له في البخاري ثلاثة عشر حديثًا، توفي بالمدينة أو بالكوفة سنة أربع وخمسين ﵁(قال):
(قال رسول الله ﷺ إذا شرب أحدكم) ماء أو غيره (فلا يتنفس) بالجزم على النهي كالفعلين
اللاحقين والرفع على النفي (في الإناء) أي داخله وحذف المفعول يفيد العموم، ولذا قدّر بماء أو غيره، وهذا النهي للتأديب لإرادة البالغة في النظافة لأنه ربما يخرج منه ريق فيخالط الماء فيعافه الشارب، وربما تروّح الإناء من بخار رديء بمعدته فيفسد الماء للطافته، فيسنّ أن يبين الإناء عن فمه ثلاثًا مع التنفس في كل مرة ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى بعون الله في كتاب الأشربة (وإذا أتى الخلاء) فبال كما فسّرته الرواية الآتية (فلا يمس ذكره) وكذا دبره (بيمينه) حالة البول والفاء في فلا جواب الشرط كهي في السابقة، ويجوز في سين يمس فتحها لخفته وكسرها في الأصل في تحريك الساكن وفك الإدغام، وإنما يظهر الجزم فيها للإدغام فإذا زال ظهر (ولا يتمسح بيمينه) تشريفًا لها عن مماسّة ما فيه أذى أو مباشرته، وربما يتذكر عند تناوله الطعام ما باشرته يمينه من الأذى فينفر طبعه عن تناوله والنهي فيهما للتنزيه عند الجمهور كما صرحوا به، وعبارة الروضة يستحب باليسار وكلامه في الكافي يفهم أن الاستنجاء بها حرام فإنه قال: لو استنجى بيمينه صحّ كما لو توضأ من إناء فضة، وإنما خص الرجال بالذكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خص، وقد استشكل ما ذكر من المسّ والاستجمار باليمين لأنه إذا استجمر باليسار استلزم مسّ الذكر باليمين، وإذا مسّ باليسار استلزم الاستجمار باليمين وكلاهما منهي عنه. وأجيب بأن التخلص من ذلك ما قاله إمام الحرمين والبغوي في تهذيبه والغزالي في وسيطه أنه يمر العضو بيساره على شيء يمسكه بيمينه وهي قارة غير متحركة، وحينئذ فلا يعدّ مستجمرًا باليمين ولا ماسًّا بها فهو كمن صبّ الماء بيمينه على يساره حالة الاستنجاء، ومحصله أنه لا يجعل يمينه محركة للذكر ولا للحجر ولا يستعين بها إلا لضرورة كما إذا استنجى بالماء أو بحجر لا يقدر على الاستنجاء به إلا بمسكه بها قاله ابن الصباغ.
ولما فرغ من ذكر ما ترجم له وهو النهي عن الاستنجاء باليمين شرع يذكر ترجمة النهي عن مس الذكر بها فقال:
١٩ - باب لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَال
هذا (باب) بالتنوين (لا يمسك) بالرفع في اليونينية على أن لا نافية وفي غيرها بالجزم وفي نسخة بالفرع كأصله لا يمس (ذكره بيمينه إذا بال). فإن قلت: حكم هذه الترجمة مرَّ في الحديث السابق فما فائدة هذه الترجمة؟ فالجواب: أن فائدتها اختلاف الإسناد مع ما وقع في لفظ المتن من