وهذا قد أجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار وإلا ما روي عن علي أنها تعتدّ آخر الأجلين يعني إن وضعت قبل الأربعة الأشهر والعشر تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع وبه قال ابن عباس لكن روي أنه رجع عنه.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة قال: (حدّثنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية نفست) بضم النون وكسر الفاء أي ولدت (بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة (بليال). وفي رواية الزهري فلم تنشب أن وضعت، وعند أحمد فلم تمكث إلا شهرين حتى وضعت، وفي تفسير الطلاق بعد زوجها بأربعين ليلة، وعند النسائي بعشرين ليلة وروي غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة (فجاءت النبي ﷺ فاستأذنته أن تنكح فأذن لها فنكحت). واحتجوا للقائل بآخر الأجلين بأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين، وقد اجتمعتا في الحامل المتوفى عنها زوجها فلا تخرج من عدتها إلا بيقين واليقين آخر الأجلين. وأجيب: بأنه لما كان المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما فيمن تحيض حصل المطلوب بالوضع.
(باب قول الله تعالى: ﴿والمطلقات﴾) المدخول بهن من ذوات الحيض (﴿يتربصن﴾) ينتظرن (﴿بأنفسهن ثلاثة قروء﴾)[البقرة: ٢٢٨]. بعد الطلاق وهو خبر بمعنى الأمر والأصل الكلام ولتتربصن المطلقات وذكر الأمر بصيغة الخبر تأكيدًا للأمر وإشعارًا بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى امتثاله ونحوه قوله في الدعاء: رحمك الله أخرجه في صورة الخبر ثقة بالاستجابة كإنما وجدت الرحمة وهو مخبر عنها، وفي ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال فأمرن أن يقمعن أنفسهن ويغلبنها على الطموح ويجبرنها على التربص، وقوله: