وفي حديث فضالة بن عبيد الله عند الإمام أحمد مرفوعًا: العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله ﷿. وتأملوا علوّ مرتبة الاستغفار وعظم موقعه كيف قرن حصوله مع وجود سيد العالمين في استدفاع البلاء. وعن ابن عباس ما رواه ابن أبي حاتم أن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله إليه، وأمان بقي فيكم ثم تلا الآية. وروى ابن جرير أنهم لما قالوا ما قالوا ثم أمسوا ندموا فقالوا: غفرانك اللهم فأنزل الله: ﴿وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ وسقط لغير أبي ذر قوله: باب قوله وثبت له.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن النضر) بن عبد الوهاب أخو أحمد السابق قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبيد الله بن معاذ) بتصغير عبد قال: (حدّثنا أبي) معاذ العنبري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الحميد) بن دينار (صاحب الزيادي) أنه (سمع أنس بن مالك قال: قال أبو جهل): لما قال النضر بن الحارث إن هذا إلا أساطير الأولين (﴿اللهم إن كان هذا﴾) يريد القرآن (﴿هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾) فنزلت: (﴿وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾) وليس المراد نفي مطلق العذاب عنهم بل هم بصدده إذا هاجر ﵊ عنهم كما يدل له قوله: (﴿وما لهم﴾) استفهام بمعنى التقرير (﴿أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام﴾ الآية)"ما" في وما لهم استفهام بمعنى التقرير و"أن" في أن لا يعذبهم الظاهر أنها مصدرية وموضعها نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر والتقدير في أن لا يعذبهم وهذا الجار يتعلق بما تعلق به لهم من الاستقرار والمعنى، وأي مانع فيهم من العذاب وسببه واقع وهو صدهم المسلمين عن المسجد الحرام عام الحديبية وإخراجهم الرسول والمؤمنين إلى الهجرة فالعذاب واقع لا محالة بهم، فلما خرج الرسول ﷺ من بين أظهرهم أوقع الله بهم بأسه يوم بدر فقتل صناديدهم وأسر سراتهم.
(﴿وقاتلوهم﴾) حث للمؤمنين على قتال الكفار وفي بعض النسخ باب قوله: ﴿وقاتلوهم﴾ ونسب لأبي ذر (﴿حتى لا تكون فتنة﴾) أي إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط (﴿ويكون الدين كله