(وفرّق)﵊(بين المتلاعنين) تمسك به الحنفية أن بمجرد اللعان لا يحصل التفريق ولا بدّ من حكم حاكم وحمله الجمهور على أن المراد الإفتاء والخبر عن حكم الشرع بدليل قوله في الرواية الأخرى لا سبيل لك عليها وفرق بتشديد الراء يقال في الأجسام وبالتخفيف في المعاني.
وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في اللعان وغيره بعون الله وقوّته.
هذا (باب) بالتنوين (قوله) تعالى (﴿إن الذين جاؤوا بالإفك﴾) في أمر عائشة (﴿عصبة﴾) جماعة من العشرة إلى الأربعين (﴿منكم﴾) أيها المؤمنون يريد عبد الله بن أبي وكان من جملة من حكم له بالإيمان ظاهرًا وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم (﴿لا تحسبوه شرًّا لكم﴾) الضمير للإفك والخطاب للرسول وأبي بكر وعائشة وصفوان لتأذيهم بذلك (﴿بل هو خير لكم﴾) لما فيه من جزيل ثوابكم وإظهار شرفكم وبيان فضلكم من حيث نزلت فيكم ثماني عشرة آية في براءتكم وتهويل الوعيد للقاذفين ونسبتهم إلى الإفك (﴿لكل امرئ منهم﴾) من أهل الإفك (﴿ما اكتسب من الإثم﴾) أي لكل منهم جزاء ما اكتسبه من العقاب في الآخرة والمذمة في الدنيا بقدر ما خاض فيه مختصًا به (﴿والذي تولى كبره﴾) معظمه بإشاعته (﴿منهم﴾) أي من الخائضين (﴿له عذاب عظيم﴾)[النور: ١١] في الآخرة أو في الدنيا بأن جلدوا، وصار ابن أبي مطرودًا مشهورًا بالنفاق، وحسان أعمى أشل اليدين، ومسطح مكفوف البصر وسقط لأبي ذر لا تحسبوه الخ.
(أفاك) قال أبو عبيدة أي (كذاب) وقيل هو أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء وسمي إفكًا لكونه مصروفًا عن الحق من قولهم أفك الشيء إذا قلبه عن وجهه.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) في قوله تعالى: (﴿والذي تولى كبره﴾ قالت) هو (عبد الله بن أبيّ) بالتنوين (ابن سلول) برفع ابن لأنه صفة لعبد الله لا لأبي وسلول غير منصرف للتأنيث والعلمية لأنها أمه والمراد من إضافة الكبر إليه أنه كان مبتدئًا به وقيل لشدّة رغبته في إشاعة تلك الفاحشة.