ومن ضرورته زوال يد المالك لاستحالة اجتماع اليدين على محل واحد في حالة واحدة فيتحقق الوصفان وهو الغصب فصار كالمنقول وجحود الوديعة، ولهما يعني لأبي حنيفة وأبي يوسف أن الغصب إثبات اليد بإزالة يد المالك بفعل في العين وهذا لا يتصوّر في العقار لأن يد المالك لا تزول إلا بإخراجه عنها وهو فعل فيه لا في العقار قاله في الهداية.
واستدلّ لهما في الاختيار شرح المختار بحديث الباب "من ظلم من الأرض شيئًا طوّقه من سبع أرضين" لأنه ﵊ ذكر الجزاء في غصب العقار ولم يذكر الضمان ولو وجب لذكره وصوّر المسألة بما إذا سكن دار غيره بغير إذنه ثم خرجت أما إذا هدم البناء وحفر الأرض فيضمن لأنه وجد منه النقل والتحويل فإنه إتلاف ويضمن بالإتلاف ما لا يضمن بالغصب، والعقار يضمن بالإتلاف وإن لم يضمن بالغصب ولأنه تصرف في العين انتهى.
ومن فوائد حديث الباب ما قاله ابن المنير أن فيه دليلاً على أن الحكم إذا تعلق بظاهر الأرض تعلق بباطنها إلى التخوم فمن ملك ظاهر الأرض ملك باطنها من حجارة وأبنية ومعادن، ومن حبس أرضًا مسجدًا أو غيره يتعلق التحبيس بباطنه حتى لو أراد إمام المسجد أن يحتفر تحت أرض المسجد ويبني مطامير تكون أبوابها إلى جانب المسجد تحت مصطبة له أو نحوها أو جعل المطامير حوانيت ومخازن لم يكن له ذلك لأن باطن الأرض تعلق به الحبس كظاهرها، فكما لا يجوز اتخاذ قطعة من المسجد حانوتًا كذلك لا يجوز ذلك في باطنه.
(قال الفربري: قال أبو جعفر بن أبي حاتم) واسمه محمد البخاري ورّاق المؤلّف (قال أبو عبد الله) البخاري: (هذا حديث) أي حديث الباب (ليس بخراسان في كتاب ابن المبارك) ولأبي ذر في كتب ابن المبارك التي صنف بها (أملاه) أي الحديث، وللمستملي والحموي: إنما أملى بزيادة إنما وضم الهمزة وحذف الضمير المنصوب (عليهم بالبصرة) لكن نعيم بن حماد المروزي ممن حمل عنه بخراسان وقد حدّث عنه بهذا الحديث فيحتمل أن يكون حدّث به بخراسان والله أعلم.
وهذا الفائدة التي ذكرها الفربري ثابتة في رواية أبي ذر ساقطة لغيره.
١٤ - باب إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لآخَرَ شَيْئًا جَازَ
هذا (باب) بالتنوين (إذا أذن إنسان لآخر شيئًا) أي في شيء (جاز).